في وسط كل الضغوطات أفضل ما يمكن كسبه هو محبة الناس، وأسهل طريق لذلك هو التميز بالاحترام فهو أحد القيم التي يتمتع بها الشخص ذو السلوك الجيد ويتم عبر إظهار التقدير للذات وللناس.
إن الاحترام من بين المشاعر البشرية النبيلة والأخلاق السامية، إذ كل إنسان مدين للبشر حوله بمستوى معين من الاحترام، وقد يختلف مستوى هذا الاحترام تبعا لرؤية الفرد لهم، كما أن أعظم احترام هو احترام الذات.
ويتجلى ظاهرا في أقوالنا قبل حركاتنا، فعلى المرء أن يزن ما ينطق به لسانه وأن يأخد بعين الاعتبار أن لكل مقام مقال، فاللسان لِما عودته عليه، هو حصان، إن صنته صانك وإن خنته خانك، وهذا يعني أن اللسان مفتاح للحكمة وهو الذي يدفع الناس لاحترامنا، فعلى قدر صغره يمكن أن يكون خطيرا. وحسبنا الآلاف التي تنتحر كل سنة بسبب تسلط ألسنة البعض. إذن، فاللسان إذا تطاول أصبح سلاحا يستطيع أن يقتل بدون نزيف.
وفي تأملنا لما جاء على لسان النبي محمد ﷺ: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)، سنجد أن الاسلام يحث المسلم على حفظ لسانه، وألا يتحدث إلا بخير، ويبتعد عن قبيح الكلام، وعن الغيبة، والنميمة، وغير ذلك، حتى ينال رضى الله ويكون محبوبا بين الناس. أيضا قول الله عز وجل: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ}، بالتالي، يمكن أن تصلح أمة بأكملها بكلمة طيبة صادقة مخلصة، ويمكن أن تفسَد بكلمة خبيثة كاذبة. كما يجب على المرء أن يعرف أن كل حظوظ الإنسان في الدنيا إما أنها سلم يترقي به، وإما دركات تهوي به. صدق من قال “لا شيء يخترق القلوب كلطف العبارة وبذل الابتسامة ولين الكلام.”
ويختلف الاحترام عند العرب تبعا للتقاليد والعادات القبلية، وتأثرا بالدين الإسلامي، وفي مقدمته احترام الصغير للكبير واحترام المجالس والضيف، غير أن من هذه التفاصيل بقي منها ما بقي واستحدث بعضها تبعا للتغيرات الاجتماعية.
إن أهم اساس للاحترام التواضع، فهو لا ينقص من قيمة المرء بل يبديه راقيا، وقد عرفه أحد الصالحين أنه خفض الجناح للخلق ومعاملتهم معاملة لينة، فلا شيء يستطيع أن يحقن في أوردتنا جرعات من الود العميق تجاه الناس، كما يفعل التواضع والتصرف العفوي البسيط . وقد كتب في التواضع العديد من الشعراء على مر العصور، وأحب الأبيات إلي:
ملأى السنابل تنحني بتواضع *** والفارغات رؤوسهن شوامخ