الفشل بطاقة عبور

بادئ ذي بدء،
لا تبتئس أو تصدق هذا النص فهو ليس أصليا بل مجاراة لفشل لن تذكره أصلا!

أمام معترك الحياة، وخيبة الآمال، وتبدل الأحوال وتراكم التجارب الفاشلة، أمام واقع وأحداث متشابهة ومتكررة، تحاول، وتثابر وتعيد الكرة مرة أخرى فتفشل.. وها هو هدف آخر قد ضاع كشفق بين غروب الذات وشروقها، كمن يتناول الحلوى غير مبال بالسعرات الحرارية الزائدة. تدخل في حالة من الانحطاط والركود النفسي والروحي، متعبدا على محراب انتظار ما يخبئه لك ذلك المجهول الذي بتربص بك في كل لحظة.

هذا الفشل فطام يا صديقي، انهزام ذاتنا الطموحة أمام قريناتها الأخريات، ومرحلة تجعلك على المسافة الصفر، تتراقص بين المتناقضات الكبرى تارة متأملا، وتارة متشائما، وتارة شغوفا وتارة مستبدا، وتأتي بعدها كل تجاربك الفاشلة لتفرض نفسها أمام ذاكرتك المخملية وتزيد الطين بلة، لكن ما نسيته هو أن الفشل ثمن نؤديه، وبطاقة عبور نحو ترويض النفس وتدريبها لما تخبئه الأيام القادمة.

مع هذا الفشل، تدخل في حالة من الكآبة المستعصي عليك فهمها، وتجزم أنك ستعيش كئيبا، وستموت تعيسا، مقتنعا بأن الفشل ملاذك الوحيد وتوأم روحك، وأن حظك عاثر بامتياز، أحيانا يخيل لك أنك عجوز أنهكه الزمن، وأن خطاك أضحت مرهقة وجافة، وربما خطؤك الأول كان أن بعثت حلمك في لحظة شبق فكري إلى كوكب غادر المجموعة الشمسية. وكان خطؤك الثاني أن نسيت أنّ الأسير بداخلك لا يرغب في الخروج أصلا، فتقنع نفسك أنك حقا جرم صغير ولم ينطو فيك العالم الأكبر ولست تخلخل النداء، ولست تشمل لا أول الكلام ولا آخره… في لحظات أخرى يخيل إليك أنك ربما قد تكون نقطة في بحر من الأحلام تدور في عقول بشرية أو غير بشرية.. أو ربما ألعوبة ليس لها وجود حقيقي تحرك من طرف أدمغة أخرى، لفرط عدم قدرتك على التحكم بالأحداث والوقائع…

لا تندهش يا صديقي، فهذه فقط نتائج تناول الفشل بكميات زائدة، تخضعك لكل الاحتمالات الكونية الغريبة والمتناقضة والفاشلة بدورها… لكن، اعلم أنها الحكمة الخفية وراء سعادتك القصوى وطر يزورك ليجعلك ناضجا، لأن الحياة ليست بنجاحات متتالية، فالإنسان بحاجة إلى الفشل لكي يرى العالم بطريقة صحيحة، وإلا فلن تتمكن من رؤية بعض مظاهر الحياة من حيث تقف وترتاب بواقع الأحلام والتأملات، لأن الأحلام لا شهود لها.

1xbet casino siteleri bahis siteleri