حكايا الطريق

قيل إنه ما وضع الله في قلبك رغبة الوصول لشيء، إلا ويعلم في مسبق علمه أنك قادر على الوصول إليه! – وإن كان صعبا؟ بعيد المنال مستحيلا؟ – وإن يكن! أو ليس هو القائل سبحانه: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} -بلى، هذا ما يدل على أن الانسان عليه المشي حسب قدرته و طاقته- هذا دليل على أن ما كلفك الله بمهمة، أو بأمر إلا وهو في وسعك وفي قدرتك، لم يضع في قلبك رغبة الوصول إلى مبتغى، والسعي نحو هدف ما إلا ولديك العدة الكافية لتحمل الطريق! -وكيف السبيل والزاد قليل!؟- وما أدراك بالزاد؟ إنه بذرة تسقى بالهمة، ما سقيته بالنية وحسن الطلب، فهو ينمو حتى تهون به الصعاب. 
إن الطريق موضع الاختبار، وفيها يفرق بين الضعيف والقوي، وفيها يفصل الأمر بين الناس! -وما الدليل؟- دليلها هو مهبط الكرامات، والفاصل بين الدرجات، بينا هو جوهر السؤال وبينا هو موضع الرحمات..فمن عدل الله أن وفر الدليل لعامة الناس، لكن الفهم عنه مختلف بينهم، واستخدامه منبع سرعة خطاهم..فيه الرحمة والفضل، فيه الحكمة والعلم، فيه اللطف وفيه النباهة والحدس! -أما الرحمة والفضل، فقد فهمت أنهما بيد المولى يجود بها على من يشاء من عباده، وهي من أعظم أبواب السؤال، وأما الحكمة والعلم فهما الخير الكثير وهما تبة الله لأنبيائه ولمن اصطفى من عباده، وأما اللطف فهو المكمد لجروح العثرات، فما قصة النباهة والحدس ؟ – هما رحمة وفضل، اختلطا بحكمة وعلم، فكانت النتيجة نورا في الطريق. 
إن الحدس فضل عظيم لمن وضعه الله في فؤاده، ونور في ظلمات الحيرة، فقد قيل فيه أنه “بوصلة الروح حينما تنقطع هدايا المصادقة.” ويكفيك وصف عبد العزيز الأهل فيه بقوله: الحدس نور يقذفه الله في القلب، فتصفو النفس، ويدق الحس، ويرق القلب، فتنقشع الغمامة فيحدث الإشراق.”
إن هذا لشيء عجاب! لكن الأمر مهما كان يسيرا يبقى ذا صعوبات تختلف وعظمة الهدف، فكيف نتشبث بالنور حين تشتد الظلمة، ويكثر عويل الذئاب، فيعتري النفس بطبيعتها خوف وهلع؟! فلله في أهل طاعته أسرار لا يعلمها إلا هو! رحم الله ابن القيم قائلها. 
إن من أسرار الرخاء وطاعة الرخاء أن تلقاها في الشدة ولله الأمر من قبل ومن بعد، حين تشتد الظلمة يزيد وهج النجوم ويشع نور القمر فيهتدي السائل بنور ربه.. وإن ثبات القلب على الطريق اصطفاء حين يدب الهلع في أفئدة الناس، فإن كان زمن المعجزات قد ولى فزمن الكرامات باق! -فكيف يكون الوصل واللقاء إذن؟ -ما المسؤول عنه بأعلم من السائل، إلا أنك تدري حديث القلب المحب حين يلقى حبيبه كيف يكون..فشد الوثاق على قلبك، والزم الشد بحبل الله في الطريق، واعمل بما تعلمت فيها..لعل الوصل يكون! 
1xbet casino siteleri bahis siteleri