طرق ختم القرآن

من حصاد عمري الذي تعلمته في حياتي، وازداد هذا المعنى بشكل عميق بعد وأثناء فترة المرض الطويل الذي عشته، مسألة تحدثت عنها في بعض البرامج سابقا لكني أحب أن أكررها و أعمقها وهي طرق ختم القرآن.

في مواسم الطاعات بالذات، يلجأ الناس إلى سباق “كم مرة ختمت؟!”….

هذه مسألة مطلوبة جيدة، يعني ليست خطأً، وهذه واحدة من طرق ختم القرآن؛ أن نختم القرآن بأن نتلوه كاملا، و نحاول أن نختم مرة  ومرتين وثلاثة وأربعة في الموسم الواحد.

والصحابة الكرام كانوا يفعلون هذا، و سيدنا عثمان ابن عفان كان يختم القرآن كل أسبوع.

و سيدنا عبد الله ابن عمر ابن العاص رضي الله عنه يسأل النبي صل الله عليه وسلم : كم مرة أختم القرآن؟ فقال له: “في الشهر مرة”، قال: أنا أقدر على أكثر من ذلك، قال “ففي الجمعة مرة”( كل أسبوع مرة)، قال: أنا أقدر على أكثر من ذلك. قال: “فكل ثلاثة أيام مرة”، قال: أنا أقدر على أكثر من ذلك، قال له:” من قرأ القرآن في أقل من ثلاث، لم يفقه” ( أي لم يفهمه).

ما فائدة أن تختم في أقل من ثلاثة أيام! هل هو سباق؟! إذا لم تفهم وتستشرب المعاني وتتعمق المعاني في نفسك، ما قيمة هذا؟

و لذلك نهى النبي صل الله عليه و سلم أن يقرأ المرء القرآن في أقل من ثلاث، لأنه فقدان لمعنى رئيسي جدا وهو الفقه، أي الفهم.

إذا، الطريقة الأولى هي أن نختم و نحاول أن نُكثر من هذا، لكن لا نبالغ إلى درجة عدم الفهم.

أنا أختم القرآن بفضل الله تعالى لكن، أحيانا و أنا أختم لا أنتبه أني مررتُ بصفحة كاملة لم أركز ولم أتأمل فيها، لا أعتبر أني قرأتها، فأرجع و أقرؤها مرة ثانية. لأن الهدف هو الفهم و الفقه، و ليس كم آية قرأتها حتى و لو لم تفهم ، فهذه أول طريقة لختم القرآن.

الطريقة الثانية لختم القرآن، و أنا أنصح بها بشدة؛ أن تجعلوا لكم ختمة خاصة، يعني تعمل على ختمتين في نفس الوقت. ختمة سريعة كل أسبوع، كل شهر مرة، و ختمة طويلة يمكن أن تستغرق سنة أو ثلاث سنوات، لا مشكلة في ذلك. و هي أن تأخذوا أحد كتب التفسير، و تقرؤوا مع التفسير، و أنا، و الحمد لله قرأت أكثر من ثلاثين كتاب تفسير، لكنني لم أستشعر القرآن كما استشعرته و أنا أقرأ “في ظلال القرآن” للشهيد سيد قطب رحمه الله.

لم يُكتَب مثله، الكتب الأخرى تعطيني لغة مثل ‘الكشاف’ للزمخشري، أو تعطيني معنى الآية، مثل ابن كثير وغيره، لكن أن أعيش الآيات، بل وأعيش السورة بظلالها ومعانيها، و ما علاقة أولها بآخرها؟ هذه السورة ما موضوعها؟ و لماذا الحديث عن هذه المسائل؟

في سورة النور يتحدث عن رجم الزاني، ويتحدث عن “الله نور السماوات والأرض”، و عن الاستئذان عند الطعام. ما علاقتها ببعضها؟ لم أفهمها إلا عندما قرأت “في ظلال القرآن”.

فأنصح بشدة أن يقرأ القرآن مع التفسير، سواء في ظلال القرآن أو غيره، لكن هذه القراءة الثانية  اجعلوها جزءاً من حياتكم.

القراءة الثلاثة، و دعها تأخذ العمر كله إن لزم ذلك، وهي التوقف عند القوانين، القرآن فيه قوانين، الله سبحانه و تعالى يسميها السنن، “و لن تجد لسنة الله تبديلا”، “و لن تجد لسنة الله تحويلا”، و “هل ينظرون إلى سنن الأولين”؛ قوانين حكمت الأولين وتحكمكم أنتم أيضاً، هذه القوانين قليلة جداًّ في القرآن، لكنها موجودة، موجودة في القرآن، و الله سبحانه و تعالى ذكر عددا كبيرا منها في القرآن الكريم، أتمنى أن يجلس المرء و يبحث عن هذه القوانين، “ليس بأمانيكم و لا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يُجز به”، إذً الجنة ليست مضمونة لأحد، يعني الذي يفعل السوء يُجز به، و الذي يعمل خيرا يُجز به، و كثير من القوانين الإيمانية والحضارية الأخرى..

اقرؤوا القرآن و ابحثوا عن هذه القوانين، اقرؤوه بعدة طرق و ليس بطريقة واحدة…

عن سلسلة “حصاد العمر” للدكتور طارق سويدان

تفريغ :هاجر بايوسف

1xbet casino siteleri bahis siteleri