الغادرون بأنفسهم

واهم من يعتقد ان الدنيا تغدر بِنَا،فنحن الغادرون بانفسنا باعتقادنا الواهم اننا خالدون،ربما قد يكون البعض منا مستحضرا لفكرة الرحيل كفراق لا بد منه لكن هذا الاستحضار لا يتعدى كونه ظرفيا رهينا بلحظة تأمل عابرة او محطة فشل مؤقتة،في حين ان باقي افعالنا و أقوالنا و حتى نوايانا تتناسى ذلك المصير المحتوم كأعلى درجات المساواة بين كل نفس غنية او فقيرة،معروفة او نكرة كانت … قد تستيقظ كل نفس غاوية غافلة مؤقتا اثناء لحظة فراق مع كيان اخر،لتخلص ان الأموات يتشابهون و الاحياء يتشابهون. هؤلاء هادئون،مستسلمون،راضون و هؤلاء قلقون،حائرون،خادعون،خائفون. الأموات عبروا الجسر المؤدي للأمل تاركين الأحياء فريسة الآلم…من يبكي على من؟و من يشتاق لمن؟
أ هو بكاء على فراق الأحبة أم بكاء على أنفسنا و توقف للذات امام سؤال الوجود؟ مراجعات تلو المراجعات قراءات في اخطاء الماضي و عوائق الحاضر و هواجس المستقبل،قد تتغير على اثرها كل نظرياتنا للمصير و افكارنا حول الكينونية.
أ هو اشتياق لمن فارقنا؟ أم اشتياق للزمن الذي يذكرنا بمن فارقنا،في محاولة لإعادة فيلم الحياة من البداية،للتمكن من تصحيح المونتاج و تغيير نص السيناريو لتستجيب جودة الفيلم الجديد مع ما راكمناه من تجارب و خبرات…لتصطدم هذه الرغبة اللا معقولة التي توازي بين العودة الى لحظة الصفر دون التخلي عن تراكمات اللحظة النهائية،بالواقع الذي يقدم كل فروض تفنيدها و بالتالي استحالة تنفيذها.

مقالات مرتبطة


من يحزن على من و لماذا؟ أ هو حزن في الأصل أم صمت أم صدمة؟صدمة الفراق أم صدمة جراء حجم الوقت الذي مر دون ان نشعر،و أرغمنا على القيام بما لم يكن مستحبا القيام به؟
و هل فعلا الوقت الذي كان سببا وراء بعض من افعالنا اللامسؤولة أم هو مجرد شماعة نرمي عليها فشلنا للهروب من المساءلة الحقيقية للذات ؟
في هذه الأثناء،يجتمع الاحباء بعد فراق طويل إرادي متعمد لحضور فراق لا ارادي،كالعادة يفيضون حبا و إنسانية،ينتظرون و ينتظرون … يتأكدون،يتعانقون ثم يغادرون ليغلق الستار على هذا المشهد الدرامي،ليحل النسيان  قاهر الحزن ليمحي اثار ذلك المشهد المؤثر و يُحَضر للمشهد القادم: مشهد الاستمرارية… لن تتقابل تلك العيون مرة ثانية،لن يتعانقون إلا خلسة، ستنتظر دموعهم حتى العزاء القادم لتنزل من جديد.
في هذا الوقت،يكمل الأموات صلاتهم،يعبرون عن شكرهم الخالص لكل من رافقهم في هذه الرحلة،سواء من ساندهم او حاول تحطيمهم،من احبهم مجانا و اخد بعضا من وقته لفهم فلسفتهم في الحياة، او لمن كرههم مجانا ايضا مكتفيا بتحليل المظاهر و الأخذ بالتصورات المسبقة،من اثر فيهم و من تاثر بهم… لا داعي للقلق، لن يكون فراقا مطلقا،سيعودون من حين لآخر لأحبتهم قبيل الفجر كلما دعوا لذلك.و قد يجدونهم صدفة عند الطرقات تائهين.لا شك ان هؤلاء سيبحثون عن هؤلاء بين كل الوجوه الحائرة، فابحثوا جيدا لعلكم تصطدمون بوجه يُذكركم بالقيمة البخسة لما تتصارعون علية الآن؟!

1xbet casino siteleri bahis siteleri