كوني إنسانا قبل كل شيء

جاء الاسلام ليكرم الإنسان ويعلي مكانته، ولا شيء عند الله أغلى من تكريم الإنسان وخدمته، فديننا جاء ليعلينا لا ليهوي بِنَا في سلم الأخلاق. وقد بشر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الصحابة يوما بأن الداخل للمسجد من المبشرين بالجنة، ويا للعجب لم يكن هذا الداخل لا من الصوامين ولا من القوامين بل كان لا ينام ليله حتى يعفو عن من أساء له و يطهر قلبه.




يا ابنتي ذلك القلب الذي هو محور كل شيء،، حيث البداية و النهاية، قلب الانسان بوصلته، يعلينا بطهره و ينزلنا أسفل الدرك اذا خبث. منه قررنا أنا وأبوك أن نبدأ في تربيتك، ربما لن نستطيع أن نكون قدوة لك في ديننا او أخلاقنا ولكننا نتعلم معك، كأننا ولدنا معك فأنت بقلبك النقي الطاهر وبراءتك بوصلتنا، لنعلمك ونربيك. علينا ان نطهر قلوبنا ونحسن معاملة غيرنا قبل أن نخبرك عن الصلاة أو الحجاب أو حفظ القرآن، فقد ملأت قلوبنا وقلوب الكثير من المسلمين الضغينة والأحقاد بقدر امتلاء مساجدنا.
أين نحن اليوم من وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار السابع وبقوله: «لا يُؤْمِن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” ‘
فهمنا لجمالية ديننا نحن وأبناءنا لن يجعل منا نسخا مكررة من القائمين بفروضهم الخاوية قلوبهم بل سفراء لديننا ولأخلاق نبينا الكريم ولإنسانيتنا التي تكاد تنقرض.

مقالات مرتبطة


ديننا الكريم يا إسراءتي الجميلة هو ذلك الدين الذي أخبرنا بان رجلا دخل الجنة بسبب كلب سقاه، وامرأة دخلت النار بسبب هرة وأعطى هذه القيمة كلها للحيوان فكيف بالإنسان.
بسبب فهمنا المعوج والسطحي بتنا نحن المسلمون اليوم يكاد يخنق بَعضُنَا بعضا الا من رحم ربي.
غرقنا في الشكليات والعبادات الظاهرة ونسينا الجوهر فأصبحت المحجبة هي المقياس وإن فسدت أخلاقها وأصبح من لا يصلي في المسجد ولو سرق وكذب وغش أحب إلينا، نقرب الناس الينا أو نبعدهم وفقا لتلك المظاهر ولا نهتم بغيرهم ولم نعلم انهم ربما عند الله أعظم درجة بطهر أخلاقهم ونقاء نفوسهم وقلوبهم. كل حمل سوطه وبات يحاسب ويوزع الناس وكأننا وكلاء الله في الأرض سامحنا الله، فلا تكوني سوط الله في الارض يا حبيبتي بل كوني رحمته، لا تقيمي الناس بظاهرهم فلا نعلم من أحب إلى الله ومن أقرب بل أحبي الجميع واقبلي الجميع عسى أن يقبلك الله في فردوسه الأعلى بحسن أخلاقك ونقاء قلبك فلا نعلم ماذا ستكون المنجية لنا من النار.
لا أخاف عليك من فشل أو سقوط بقدر خوفي عليك من هذا المجتمع المريض في دينه وإنسانيته، فلا تتعلمي أن تساوي محفظتك او حذاءك أو أن تحبي الناس وتقربيهم حسب مظهرهم فأنت بلا أخلاقك وصدقك ونقاء قلبك لا شيء عند الله تعالى، فزني نفسك فميزان الله لا بميزان مجتمعك.


إسراء ذلك الاسم الذي اخترناه بعناية لتتعلمي أن تحملي هم أمتك منذ ولادتك، لتذكرينا بإنسانيتنا وتعلمينا.
لتعلمينا انه يتوجب علينا قبل تحفيظك القرآن أن نفهمه لك ونعلمك أن تحملي معانيه وقيمه في قلبك وروحك، وأن تجسديها في حياتك كما كان رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الارض. قبل أن تلبسي الحجاب البسي حجاب العفة والأخلاق والصدق والأمانة، ولتتعلمي من صلاتك أن تكوني قوية بمبادئك وأخلاقك، وأن تسجدي حبا وشكرا لله الواحد الأحد، وأن لا تطلبي المدد إلا من خالقك.




لنعلمك يا ابنتي الحبيبة أن تتذوقي حلاوة الإيمان وأن تفهمي دينك قبل أن تطبقيه، ولا نرجو من الله إلا أن يعيننا لنكون لك قدوة ويخرج في طريقك من يكونوا لك ولنا قدوة في أخلاقهم وسلوكهم ومعاملاتهم كما في عباداتهم، فنحن يا ابنتي لسنا الا بشرا نصيب ونخطئ ونتعلم هدي الجيد فينا ومن غيرنا وتجاوزي عن السيء. ولا تنسي يا ابنتي الجميلة أن رسولنا الكريم لم يأتِ رسولا للإسلام إلا ليتمم مكارم أخلاقنا، وأن إيماننا لا يكتمل إلا بتطهير قلوبنا وحب الخير للجميع، ولا نكون مسلمين الا بتجسيد قيم الرحمة والتكافل والتضامن، أن نتعلم ألا نشبع حتى نشبع غيرنا، وأن نتقاسم القليل قبل الكثير.
عندما اكملت عامك السابع جلبت كتابا كنت قد اشتريته لك لتعليم الصلاة وسجادتك وحجابك وبدأت بترغيبك وتعليمك ثم تذكرت ان الصلاة جامعة وأنها لا تعلم في يوم أو أسبوع وإنما في سنوات فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبرنا أن تعلم الصلاة من السبع للعشر إلا لحكمة، إن لم تحسن أخلاقك ويطهر قلبك ويكبر ليسع الجميع فلم نفلح في تعليمك صلاتك.
من الجميل أن نربي أبناءنا على الصلاة وحفظ القرآن والحجاب، ولكن قبل ذلك لنربيهم على طهارة القلب، على حب الغير وصفاء النفس، لنهذب روحهم، لنعلمهم أن يكونوا إنسانا قبل أن يكونوا فاطمة أو عائشة أو عمر أو علي.
لنعلمهم جوهر هذا الدين، و أن العبادات لم تأت إلا لتطهر الإنسان و تساعده على السمو بروحه و أخلاقه، فالصلاة يا بنيتي تعلمنا أن الله وحده أكبر و أننا لا شيء مهما على شأننا فركوعنا و سجودنا و قنوتنا لله يعلمنا تطهير روحنا و تهذيب الأنا داخلنا لنتواضع و نرحم غيرنا، و صوم رمضان يعلمنا الصبر و التضحية و تهذيب أنفسنا، أما الزكاة و الصدقة يا ابنتي فهي مال الله ينعم به علينا و يعطينا الفرصة ليعلمنا التكافل و التضامن و التراحم فلنحمد الله على كل هذه النعم و على أعظم نعمة من الله بها علينا أن جعلنا من أتباع هاذا الدين العظيم، دين فمن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.
أما أنا يا ابنتي فقد وهبني الله نعمة هي من أجمل النعم وفضل بها علي وعلى أبيك فقد اختارك بعناية و وهبك لنا ابنة حبيبة تساوي الدنيا في عيوننا، لن نحزن الا اذا لم نستطع ان نعلمك معنى أن تكوني إنسانا فإنسانيتك ستقربك لا شك من دينك و تزكي أخلاقك و تهذبك.



1xbet casino siteleri bahis siteleri