اعتزل ما يؤذيك

هناك مقولة جميلة لجبران خليل جبران تقول : سافر ولا تخبر أحداً، عش قصة حب صادقة ولا تخبر أحداً ، عش سعيداً ولا تخبر أحداً .. فالناس يفسدون الأشياء الجميلة.
هل فعلا الناس يفسدون ما هو جميل !؟ أم أن السعادة لا تكتمل إلا في مشاركتها مع الآخرين !؟ ومن هم الذين يجب على الشخص عدم إخبارهم بالأشياء الجميلة حتى لا يفسدوها !؟




يختلف الناس باختلاف أجناسهم وعرقهم وألوانهم وأديانهم وثقافاتهم وأصولهم .. وتختلف نظرتنا لهم بحسب كل ذلك، فالانسجام لا يحصل فقط لتشابه الديانات أو الأصول، فكم من خليلين لا يقدر أحدهما على فراق الآخر وقد تفرق فيهما ما اجتمع في غيرهما ممن لا يطيقون النظر في وجوه بعضهما البعض .. فالإنسجام والتوافق لا يحصل بسبب التشابه، وإنما بوجود رابط خفي يجعلك ترى في الآخر اكتمال ما أنت عليه وإن كان من غير بلدك أو من غير ثقافتك أو من غير دينك .. والإختلاط بهذا النوع من الناس يمنحك إيجابية كبيرة تدفعك قدما نحو الأفضل. وتكون السعادة مضاعفة عند مشاركتها معهم، تماما كما تشارك الوردة رحيقها وريحها مع كل ما يحيط بها كان نحلا أو بشرا أو نباتات أخرى. وهم قلة على روعتهم. 

مقالات مرتبطة


أما عندما يتعلق الأمر بأناس مؤذية، يتجلى أذاها في تثبيطها لعزيمتك وتكريسها للفشل داخلك، وحماسها في إضعافك لأنك قد تهدد فشلها الذريع، وربما قد تحرجها أمام نفسها بنجاحك، فتستكثر عليك لحظات سعادة قليلة أو نظرة مستقبيلة متفائلة لواقع قد يكون سيئا، فتبدع في اختراع طرق لإقحام أنفها فيما لا يخصها، وشغلك بما لا يفيدك وبما قد يضرك أحيانا كثيرة، تخلق حولك ضوضاء لا أول لها من آخر، مستغلة قدرتها المرعبة في توليد مشاكل ومهاترات وجدالات من العدم، لا فائدة ترجى منها بل لا تنفك تخنقك داخلها حتى تفقد طعم الحياة وشغفها .. هنا يكون الحل كما كان مبدأ عمر الفاروق : “اعتزل ما يؤذيك، وعليك بالخليل الصالح، وقلما تجده .. ”




الإنسان غيور بغريزته -مالم يربي نفسه ويهذبها – يرى فيما عندك الناس حقا له، وإن كان قليلا من السعادة لا يكفي العمر كله، فهو يغار على ما يملكه ومالا يملكه، ثم يتمادى في غيرته متمنيا زوال ما عند غيره، يسمح لنفسه المثيرة للشفقة بالإستقواء على حب الخير لغيره الذي يكمن داخله، فتتضخم الغيرة ويتقزم حب الخير للغير حتى يزول، فيظل على حالته تلك يتآكل داخل هذا الجحيم من الغيرة الذي يعيشه، متربصا بالآخرين، مشيدا الحفر والمطبات لهم .. فيجني على نفسه أكثر من أي شخص غيره.. وهذا من يجب الحذر منه.
كل من يظهر لك نقمته على حسنة عند غيره، اعلم أنه ينقم عليك أنت أيضا وإن أظهر غير ذلك، فالغيرة إذا امتلكت قلبا أعمته عن الجميع. فالمحب للخير يحب الخير على إطلاقه للناس كلهم .. والغيور الحاقد على شخص واحد، يغار من الجميع ويحقد على الكل .. فلا يجتمع في القلب الواحد حب الخير للغير وغيرة وحقد .. أبدا. فاعتزل ما يؤديك .. لما يعينك على الحياة ومزاجيتها.



1xbet casino siteleri bahis siteleri