أيها الأزواج أيتها الزوجات، لا تحاولوا امتلاك بعضكم البعض..

الزواج من أهم العلاقات الإنسانية وهو عبارة عن شركة مذرة للأرباح اللامادية المعنوية والاحساسية المعقدة بطبيعتها، فكل ما هو اجتماعي معقد اصلا ونحن نزيده تعقيدا وصعوبة بدورنا.
عشت ثمانية سنين من شبابي بألمانيا فثبت عندي أنه لا يجمعها بالمغرب شيء بتاتا، فالمغرب بلد متدين ومحافظ تقليدي لا يحب أهله الاجتهاد كثيرا، أو الانفتاح والتغيير،ويفضل كل ما هو ثابت وأصيل وذو طبيعة “بطريركية” في العديد من المجالات أذكر منها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي إضافة الى تسيير البلاد. ألمانيا بلد ليبيرالي حداثي منفتح ومتفتح ودائم التجديد وشديد الابتكار، لا تمر عشر سنوات الا وتتغير ملامحه اجتماعيا واقتصاديا وصناعيا بل وحتى سياسيا.

قلت سالفا أنه لا يجمع بين البلدين شيء بتاتا، هذا ما كنت أظنه قبل البت في كتابة هذا المقال، أما عندما بدأت أتمعن في الأمر خلصت أن هناك شيء يجمعنا بالشعب الألماني ألا وهو طبيعة العلاقة بين الزوجين، مفاجأة أليس كذلك؟
ارتبطت عندنا فكرة الزواج بدخول القفص الذهبي الذي سرعان ما نكتشف أنه فقط مطلي بماء الذهب الذي يتقشر بعد مدة قصيرة يصطلح عليها “سبع أيام ديال الباكور”، ويرجع ذلك أساسا الى طريقة تعاملنا مع شريك الحياة التي يغلبها طابع الانصهار عوض التعايش والتكامل.


مع أن ألمانيا تعتبر بلد الحريات الفردية بدون منازع الا أن هذه القاعدة انكسرت أمام عتبة الزواج، و الأمر راجع الى منظور متواتر في المجتمع أن الرباط المقدس أصبح مثل الحبل المشتد حول رقبة الزوج بالدرجة الأولى، ربما تأدية لفواتير قديمة لما مرر به الرجال نسائهم في الماضي الغابر، و هذا بعض ما يفسر به عزوف الشباب اليوم عن الزواج لان الموضوع، كما سأبين، أصبح توديعا للحرية..
قد يبدو أن الأمر فيه بعض المبالغة لكنه مع الأسف حقيقي وهو بالضبط ما أشرت اليه كونه يجمع بلدينا أو مجتمعينا. لاحظت في البلدين أنه بمجرد الاقبال على خطوة الزواج يصبح المتزوج قليل الحضور في التجمعات غير ذات الطابع العائلي عموما ومع الأصدقاء خصوصا. الخطأ الذي يقع فيه الزوجان في نظري هو تكثيف العلاقة بالزوج طوال الوقت وربط جدول التقويم الأسبوعي به أساسا دون الاحتفاظ بوقت خاص لكل واحد على حدة، خصوصا في الشهور الأولى حتى يصير الأمر هو الأصل. لا يتقبل الرجل غالبا أن يكون لزوجته برنامج خاص خلال يوم او يومين في الأسبوع لأنه سيجد نفسه مضطرا لخدمة نفسه وأولاده إذا وجدوا، وهو شيء لم يعهده عند والديه حيث غالبا ما تكون المرأة “عمارة الدار” متعلقة بالبيت وحاجياته من طبخ وغسيل وتنظيف وان لم يكن الرجل بالبيت فهو بالعمل.
تغير المجتمع وتطور وأصبحت هناك مستجدات من أعمال اجتماعية ورياضية وترفيهية وجمعوية وسياحية، لكن الأسرة لم تتماش مع المستجدات، فتجد الزوجين مرابطين بالبيت مع عين على نافذة الشبكات الاجتماعية التي تمكن من الاطلاع على ما يقوم به الاخرون، أقصد بالآخرين غالبا العزاب لأن المتزوجين لا يجرؤون على تقاسم ما يقومون به من أنشطة وخرجات الا القليل منهم. يكسب العزاب ما لا يفعله المتزوجون مع أن اليوم عند الجميع فيه 24 ساعة وفي الأسبوع 7 أيام فلما يا ترى هذا الفقر في الأنشطة؟

السبب وراء ذلك يكمن في منظورنا في المغرب وفي ألمانيا وفي دول عديدة أخرى للزواج وللحياة الزوجية. يمكننا الاستمرار في مناداته بالقفص الذهبي الا أنه علينا أن نصنع له بابا ثانيا ونافذتين ونجعله مسايرا لرغبتنا الفطرية في الحرية. كل متزوج لا يملك برنامجا خاصا بجانب برنامجه الأسري مع شريك حياته فهو شخص غير متوازن بل ويعرض نفسه لضغط لا يعلم متى سيتفاعل معه و على أي وجه، بالانفجار أو بالاستسلام اللاإرادي الذي يجلب معه الاكتئاب ثم فقدان الشهية في الحياة و هذا شيء خطير في نظري خصوصا على المرأة في بلد كالمغرب و على الرجل في بلد مثل ألمانيا حيث من هنا يبدئ الاختلاف مجددا, فالمرأة في ألمانيا قامت بحركات تصحيحية تحررية لكن السقف لم يكن واضحا فوقعت في حفرة الافراط مما أدى الى تكون هوة واسعة بين حقوق المرأة و حقوق الرجل فوقع خلل في الميزان. أما بالمغرب فقد تمادى الرجل في طغيانه من جهة وأصبحت المرأة المسؤولة الأولى عن الأسرة بل وحتى العمل في بعض الأوساط القروية والجبلية وأصبح الرجل يعيش على الهامش ومع الانفتاح على القنوات الفضائية ثم الشبكات الاجتماعية ووسائل التواصل الجديدة أصبح من السهل الاطلاع على ما يقع من حولنا وفي بقاع أخرى من العالم ليكتشف الانسان أن الأمر غير عادي من خلال المقارنة.
خلاصة القول، أنت عزيزتي لا تملكين زوجك وأنت عزيزي لا تملك زوجتك كذلك، أن يريد كل منكما أن يكون له برنامج موازي، هو شيء طبيعي ومطلوب بل سيعينك على الحفاظ على توازنك ويجعل منك انسانا نشيطا وحيويا. تريض و جل يا عزيزي و أنت كذلك عزيزتي، اطبخ لأسرتك عزيزي و قومي أنت بالتبضع عزيزتي و لا تجعلوا لكل شيء قاعدة صلبة متحجرة فالتنويع مطلوب ويزيد ويبارك في العمر.. أقصد في عمر حياتكم الزوجية.

1xbet casino siteleri bahis siteleri