ارشادات لصنع نظام ديكتاتوري ناجح

رواية 1984 للكاتب جورج أوريل، نشرت سنة 1949 كنظرة سياسية وتخيلية لما يمكن أن يكون عليه العالم في سنة 1984، غير أنك وأنت تقرأ سطورها ستجد أنها تشرح على بساطتها الكثير من الحقائق التي نعيشها بشكل يومي، كأنك أمام كتاب ارشادات جاهز لصنع نظام ديكتاتوري ناجح.
الكتاب يحكي ظروف نظام شمولي استفاذ من أخطاء الأنظمة التي سبقته ليصنع فلسفة أكثر تماسكا وقوة في مجتمع “أوشينيا” الذي يحكمه نظام “الأخ الكبير” والحزب الحاكم التابع له، فيما تشكل الطبقة الكادحة أكثر من 85 في المئة من المجتمع. 
يعتمد النظام الحاكم في مجتمع “أوشينيا” على عدة آليات تغذي استمرار النظام، ولعل أهم ما لفت انتباهي بها هي النقاط التالية :
– وجود وزارة الحقيقة التي تعنى بالتعليم والترفيه والفن، والتي تنتج الجرائد الغبية المليئة بأخبار الرياضة والجرائم، كما تهتم بتأليف الروايات الرديئة والأفلام الاباحية والأغاني العاطفية، وتأليف قاموس لغوي ميكانيكي خالي من العواطف والابداع.
– ليس من المرغوب فيه أن يكون لدى عامة الشعب وعي سياسي قوي، فكل ما هو مطلوب منهم وطنية بدائية يمكن اللجوء إليها حينما يستلزم الأمر اقناعهم بقبول ساعات عمل أطول أو حصص أقل من السلع التموينية. بل وحتى عندما كان ينتابهم شعور بالسخط، كما يحدث أحيانا، فإن سخطهم لم يكن ليفضي إلى شيء كونهم يعيشون بلا مبادئ عامة، ولذلك كانوا يركزون غضبهم على تظلمات خاصة وقليلة الأهمية فالاخطار الكبرى لا تسترعي انتباههم .

مقالات مرتبطة


– إن أي نظام طبقي لا يمكن أن يستمر إلا باستمرار الجهل والفقر لأن وجود وعي لذا الطبقات السفلى سرعان ما سيدفعها إلى إزالة الأقلية المهيمنة.
– استمرار هيمنة النظام تستدعي وجوده في حالة حرب جزئية، ليس المهم أن تكون رابحة أو خاسرة المهم أن يستغلها النظام للابقاء على ما يكفي من الحاجيات الحيوية دون زيادة أو تحسين لها، كما تجعله يحكم قبضته على المقربين بمنحهم امتيازات خاصة لا يتمتع بها عموم الطبقة الكادحة.
– هناك أربعة وسائل لنهاية أنظمة مماثلة، إما اسقاطها من الخارج، أو استفزاز الثورة داخليا، أو نشوء طبقة وسطى قوية، أو فقدان الثقة والرغبة في الحكم. لذا يعمل النظام دائما على استبعاد هذه المحاور الأربعة ما أمكنه ذلك.
ورغم إيمان بطل الرواية في البداية بالطبقة الكادحة كأمل للتغيير، فإن الكتاب يرى أن الطبقة الكادحة عاجزة تماما عن الثورة بحكم بنيتها ولأنها تميل للتأقلم والخضوع سواء في ظروف الاستعمار أو الاستبداد. وعبر التاريخ تم استغلالها من طرف الطبقات الوسطى بدعوى المساواة والأخوة والعدالة والتي لم يتحقق منها شيء إذ سرعان ما تتخلى عنها بمجرد وصولها للحكم.
الرواية شهيرة جدا، ومترجمة لعشرات اللغات وقد أدخلت عدة مصطلحات للقاموس السياسي العالمي، وقد شكلت أرضية غنية لروايات كثيرة بعدها في وصف الأنظمة المركزية والشمولية. وهي قادرة على جعلنا ندرك حقائق وتفاصيل غاية في الأهمية بمجتمعاتنا لم يسعني هذا المقال لذكرها

1xbet casino siteleri bahis siteleri