أزواج مع سبق المنٌ والأذى..

تزوجت من قريبها المثقف بعدما قرٌبهما حب القانون, ثم لحقت به في تلك الدولة الأوروبية الباردة التي سبقها إليها من أجل إتمام الدراسة.. بمجرد نيله الديبلوم عاد لأرض الوطن حيث حصل على منصب محترم, تاركا إياها هناك على مضض لتستطيع الحصول على شهادتها بدورها, ولكنه سرعان ماندم على قراره وألح عليها في الرجوع وشرع في تهديدها بالطلاق وهي التي كان يفصلها شهر على نيل الدكتوراة.. تنازلت عن حلمها لإرضاءه, ولكن رجوعها بصم البداية الحقيقية للكابوس: إهانة وتجريح في الغدوٌ والمجيء بسبب بطالتها, سخرية يومية من “فشلها” في الحصول على الديبلوم وهي التي لم تتنازل عنه سوى من أجل سواد عينيه, قبل أن يتحول الأمر لاستهزاء من كل حركاتها وسكناتها بكل سادٌية واستمتاع بهذا الاضطهاد الممنهج: “كل النساء معي في العمل مستقلات ماديا ولايحتجن للتسول من أزواجهن مثلك”, “فلانة تهتم بنفسها وتبتاع الغالي من الملابس والماكياج لأنها امرأة حقيقية ولكنني مضطر لشراء حتى الكريم الذي تضعينه على وجهك البشع من دون فائدة”, “ألاتخجلين من عدم جدواك ؟” بالرغم من أنها تقوم على شؤون منزلها كما ينبغي بل تغالي في ذلك تفاديا للاصطدام معه..

ظنت لفترة أن الأمر راجع لتأخرها في الحمل, ولذلك أبشرت عندما تلقت النبأ السعيد, إلا أن المولود أصبح بدوره أداة للعقاب والامتهان, حتى الاستحمام أصبح مستحيلا في عقر دارها, فلا بد أن تحمل الرضيع وتهتم به طيلة الوقت لأنها لاتصلح لشيء عدا ذلك حسب قوله.. لم يعد يحق لها النوم ولا الخروج, ولم تعد تغتسل سوى كل 15 يوما عندما تصحب الصغير عند أمها, لأن لديها رقيبا عتيدا يحسب أنفاسها ويكتمها في المنزل.. كانت تحس كما لو أن فوهة مسدس مصوبة نحو رأسها طيلة الوقت..

فكرت في الاشتغال في مركز للاتصالات بأجر بخس لكي يكف عن من إنفاقه عليها, ولكن لم يتأتٌ لها القيام بذلك لمدة 8 ساعات يوميا بسبب الطفل, ثم قررت أخيرا تعلم الخياطة لعلها تُحصٌل مصروفا تستغني به عن استجداء الضروريات من جلٌادها..

مقالات مرتبطة

هي ليست المرأة الوحيدة التي تعيش هذا الجحيم في محيط معارفي, فهناك أيضا زوجة ذلك الموظف السامي الذي يتلقى راتبا جيدا, ولكنه ينقدها المصروف درهما درهما ويجعلها تطالبه به كل يوم لأنه يحرص على أن تشعر بضعفها وحاجتها له كون الأمر يعزز إحساسه بقيمته ورجولته, ربما لأن العديدين كانوا يحتقرونه في صغره بسبب يتمه.. فلا يهنأ له بال حتى تبدأ نهارها بالتوسل إليه لمنحها ماتصرف يه على أمور بديهية.. لدرجة أنها فكرت يوما في العمل منظٌفة في حضانة مقابل 100 أورو في الشهر بعد أن أعياها الصبر ولم تعد تستحمل كل ذلك الهوان.

ومانجده لدى الفئة الميسورة نلقى أضعافه في بعض الأسر المتواضعة, حيث تحل الزوجة محل الخادمة وتصبح أجيرة لدى الزوج وجميع أفراد أسرته عندما يجمعهم نفس المنزل.. بل حتى الخادمة تأخذ أجرا خلافا لتلك الزوجة المقهورة التي تذوق ألوانا من الظلم والتحامل والأذى, ويتم تهديدها بالطلاق والحرمان من الأولاد بمجرد أن تحاول الاحتجاج..

نساء ضعيفات ألقى بهن القدر بين أيدي أزواج طغاة متجردين من الرجولة والإنسانية, يستمتعون بشفط كل ماهو جميل من حياتهن ويحولونها إلى حلقة طويلة من الاستعباد مقابل السكن والطعام, كما يمعنون في تعذيبهن نفسيا وحتى جسديا أحيانا كعقوبة على قلة حيلتهن وافتقارهن إلى السند.. هذه العقلية المتخلفة ليست مرتبطة بالمستوى الاجتماعي ولا الثقافي, فكم من أزواج فقراء يجمعهم الاحترام والمودة تحت سقف يقطر وحول مائدة شبه فارغة, وإنما هي نتاج لفكر منحطٌ وسادي يستبيح كرامة المرأة بمجرد لمس احتياجها, ويجعلها تذبل يوما بعد يوم بسبب انعدام الضمير والمروءة.. هذا في حال لم يتم التخلٌص منها كجورب قديم.

1xbet casino siteleri bahis siteleri