أشباه الآمال

وأنت تقوم بترتيب غرفتك ستضع يدك على ملابس تكبرك أو تصغرك بفارق كبير لكنك ستفضل تركها بانتظار تغير حجمك حتى تستعملها… ستجد كتبا لا تلائم ذوقك لكنك ستدعها بمكانها لعل ذوقك يتغير يوما فتحملها وتتصفح كلماتها.. وستصادف حتما أجهزة الكترونية فقدت الأمل في اصلاحها لكنك ستتركها أيضا لعل معجزة تحدث يوما فتشتغل من جديد.
.
قد يبدو الأمر مضحكا لكنك ستغض الطرف عن علب فارغة وبطاريات منتهية وأقلام فرغت من حبرها لا لشيء فقط لأن صوتا خافتا بداخلك يوهمك بامكانية انتفاعك منها دون أن تنتبه أن ما تشغله من مساحة في الغرفة وجهد في الإبقاء عليها طوال تلك المدة يفوق بكثير أي منفعة محتملة قد تحصلها منها في المسقبل.
.
وأنت تقوم بتأمل مشاريعك وخططك ستفتح ملفات كثيرة بعيدة المنال لكنك سترفض إغلاقها مخدوعا بوهم نجاحها، وستغافلك ملامح عابرين وصلت لقناعة تركهم لكنك أيضا سترفض توديعهم لعل معجزة تحدت فتغير طباعهم وتمسح عيوبهم التي تركتهم لأجلها، وستبقي على ذكرياتهم وصورهم وأرقام هواتفهم لعل حنينا جارفا يدفعهم للعودة إليك من جديد. وستراك تطالع كثيرا من خيبات عشت آلامها حتى تتعلم الدرس لكنك سترفض تقبل النتيجة متعلقا بوهم بعيد.

وفي كل مرة ستختار تكديس تلك الآمال الخافتة وحتى المعطوبة التي تدرك يقينا بعدم جدوى ابقائها، وستظل خاضعا لغريزة الوهم التي تسكننا كأننا نواسي النفس بحجم الأشياء المتراكمة مادمنا قد عجزنا عن تحقيق اكتفاء واقتناع بأمور واضحة وصادقة.

مقالات مرتبطة

إنك بانجرافك لغريزة الوهم هاته تعتقد أن الكثير من أشباه الآمال ستجعلك تصنع حقيقة رائعة، وأنت لا تختلف بذلك عن من يعتقد أن باجتماع عشرات الزجاجات المكسورة سيصنع واحدة سليمة، وأنه بتجميعه لقطرات كل المشروبات المختلفة سيشرب كأسا عذبة المذاق.
.
بعد كل هذا يبقى السؤال الذي يراود كلا منا : هل نمتلك الحكمة الكافية للرمي بكل تلك الأشياء بسلة المهملات حتى نعيد ترتيب أشيائنا ونترك المساحة لحاجيات أكثر نفعا وضرورة، وحتى نصنع الترتيب والبساطة التي نطلبها ؟
وهل نمتلك الشجاعة الكافية لنغلق كل تلك الملفات العالقة حتى نستعيد توازننا ؟
وهل سنتحلى بالمصارحة الكافية لنعترف بعدم جدوى الكثير منها ؟
.
الجواب : لا أعتقد ذلك، لأن الاستسلام للوهم أسهل بكثير من تقبل الحقيقة، ولأن غرفة تملأها الأشياء غير الصالحة توحي بالاطمئنان أكثر من غرفة فارغة تحاصرك جدرانها

1xbet casino siteleri bahis siteleri