عش حياتك بأدق تفاصيلها

و ما الحياة ؟ أو ليست عبارة عن مجموعة من التفاصيل التي تربط بعضها ببعض, فتنتج سلسلة من أحداث يومية تجعل من الحياة حياة؟ بلى, انها كذلك, و حبذا لو كانت هاته التفاصيل تفاصيلا نرتقي بها الى هدف معين ننتفع به و تنتفع به مجتمعاتنا.
أجل, هي تفاصيل, منها ما هو مفرح, و منها ما هو محزن. و كلاهما يلزماننا لكي نستطيع الجزم بأننا لا نزال على قيد الحياة. فالعيش على وثيرة واحدة دون اخرى, هو الموت قبل الموت.
أن تعيش حياتك, يعني أن تعيش احداثها برمتها, دون محاولة الهروب و الفرار من مواجهة مواقف تقلق راحتنا, و تخرجنا مما يسموه مدربو البرمجة العصبية اللغوية ب Zone de Confort, و انما البطولة تحتم عليك ان تحيا كل حدث بحيثياته, دون ان تفقد اتزانك. أكيد عندما أقول هذا, فانا لا أقصد التدقيق الذي قد يؤدي بالشخص الى الجنون, و انما ذلك التوقف المتزن الذي يمكنك و يمكنني من معرفة أنفسنا بشكل أعمق عند كل حدث و حادثة, و يمنحنا فرصة التبصر و رؤية الأمور بشكل أوسع و أشمل.
أن تتلذذ بكل لحظة في حياتك, يعني أنك وصلت الى قناعة أنك ستعيش حياة واحدة, تمكن لك التحكم في بعض الأمور, و ستحتم عليك عيش أمور قد تكون خارجة عن ارادتك, و لكن الله جل في علاه قد قدرها لك.
يكون الاستمتاع بالحياة و باللحظة الانية في أبهى حلله, عندما نحقق نجاحات و انتصارات سهرنا من أجلها, عندما نكون مع من نحبهم, مع من يشعروننا بعطفهم و حنيتهم. و لكن ماذا عن تلك اللحظات التي يكون فيها الفشل سيد الموقف؟ عندما نصاب الخذلان؟ عندما نضعف؟


انها اللحظات التي يكون الوقوف عندها و الاستماع اليها موقف بطولي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. عندما تدرك أنه ليس عليك دائما أن تكون قويا, أن تمر بلحظات ضعفك دون أن تخجل منها, و ترى فيها جزءا من انسانيتك.
عندما تفشل في شيء كنت تطمح له, فتدرك أنه ليس الا عبارة من فصل رواية لم تنتهي بعد, و لن تنتهي الا بتوقف نبضات قلبك, فاجعلها ملهمة لمن سيقرأها من بعدك.
عندما نبتلى في أحب الأشياء الينا, فتدرك أنه اختبار و ستجتازه, و عليك أن تخرج منه أقوى.
في مثل هاته المواقف تكون بطلا لنفسك و على نفسك. و لنعلم جيدا أن هابه اللحظات تمكننا من التريث في الحكم على الناس و الأحداث, تمكننا من رؤية ما وراء الحدث, تمكننا من التقرب من الله و ادراك النعم التي نحن غارقون فيها, تمكننا من شكر الله بقلب راض و هادئ على المواقف و الأحداث المحزنة, على الأشخاص الذين جلبوا لنا الأذى يوما ما. على كل شيء.
تمكننا من الجزم بأن كل شيء يحدث لسبب, و كل حدث مررنا به, كل شخص التقينا به, خيرا كان ام سيئا, هو لسبب ما, لحكمة يعلمها الله وحده, و يعلمنا سبحانه من خلالها كيف نجابه الحياة بكل ما فيها بقلب هادئ و ابتسامة هادئة, فلنكف اذن عن التأفف و التمرد, و لنتيقن أن كل ما نراه صدفة بحدود فهمنا, هو مدبرمن لدن حكيم عليم.
فلنعش حياتنا اذن بأدق تفاصيلها.

1xbet casino siteleri bahis siteleri