بعيدا عن المثالية.. في الحياة الزوجية

عندما تقبل العروس على الزواج، تجدها تجتهد في البحث عن سبل تحقيق السعادة الزوجية، وتسأل عن النصائح الزوجية، وسبل التعامل في ظل الحياة الجديدة.
فبين خطاب التحريض بسفك دم القط منذ الليلة الأولى، واستحالة الثقة بالرجال، وتتبع خطوات الزوج وتفقد جيوبه لأن الرجل ليس له أمان، وبين الخطاب المثالي المبشر بالحياة الوردية، وأن الطيبين للطيبات، وكوني له خديجة يكن لك محمدا، ومقالات الخطة السحرية للسعادة الزوجية الأبدية، تجد المخطوبة تائهة لا تعرف كيف تتصرف، هل تتجند لمقاومة غدر زوجها المرتقب في كل وقت وحين، أم تهبه نفسها وحبها اللامشروط وتعطي بلا حساب فذاك السبيل لتعشش في قلبه.

نفس الموقف قد تقع فيه تلك التي تعاني مشاكل في حياتها الزوجية، تحير كيف تعالج الأمر لأن قصصا كثيرة حولها تحكي عن خديجة التي ضحت وأعطت من وقتها ومالها وجهدها، معتقدة أن محمدا سيرفق بها ويعلي شأنها ويرحم ضعفها ويرد جميلها، فإذا بها تجني الغدر والخيانة ونكران الجميل، وقد ينتهي الأمر بالارتماء بين أحضان امرأة أخرى بل وقد يمتعها برزق خديجة .. وفي المقابل هناك من أخذت حذرها واحتاطت ووفرت مالها وأثقلت كاهل زوجها وقلمت جناحه وشددت عليه الخناق حتى يستحيل عليه الالتفات عنها، فلم توفق لتعيش في جو أسري مستقر سعيد، وما زادهم ذلك إلا هما ونفورا.
تجد فتاة بمجرد ما ترتبط بأحدهم، تتوقف عن دراستها طاعة له، أو تغادر العمل استجابة لرغبته، وهناك من تقترض أو تبيع ما تملك لتساعد زوجها في بداية زواجهما دون المطالبة أو التفكير حتى في ضمان عن الأموال التي منحته، لأنها بنت أصل وكرم… هناك من تعمل وتكد ثم تضع راتبها كاملا في يده للتصرف فيه كما يشاء، وكل ذلك بدافع الحب، وهناك من تعطي من وقتها وتفني صحتها وتعطي فوق طاقتها لتريح سيد الرجال.

مقالات مرتبطة


نعم، فما تزوجت به إلا وهي تثق فيه، والميثاق الغليظ الذي بينهما يجعلهما كالجسد الواحد … نعم الأصل في الزواج هو الحب والمودة، والسكن للطرف الآخر، والتعامل بمنطق الفضل لا المحاسبة، والعطاء دون انتظار المقابل. ولكن ماذا لو لم يكن الزوج أهلا لهذه الثقة، ماذا لو كانت تصرفاته لا توحي بالأمان والسكن، ماذا لو كان يتعامل بمنطق المحاسبة، ماذا لو كان الطرف الآخر يستغل عطاءها ولا يقدر تضحيتها، ماذا لو لم يكن يبادلها حبها … أليس من الأولى آنذاك أن تحتاط في حبها، أن تعمل العقلانية في تضحيتها، ألا تكون فريسة سهلة لمن هو وصولي، أن تنتزع حقها بنفسها من زوج أناني وبخيل، ألا تحمل المسؤولية عن زوج كسول متهاون، ألا يحق لها أن تستعين بشيء من الحيلة عوض أن تتعامل بكل سذاجة…

كثيرات هن اللواتي أصبن بصدمات نفسية بعدما صدمن بواقع عكس الأحلام الوردية التي انتظرنها من الزواج… كم من الزوجات دخلن في نوبات اكتئاب بسبب سوء معاملة أزواجهن… وكم منهن كن ضحايا سذاجتهن وسوء تصرفهن.
فبين خطاب التحريض والخطاب المثالي، علينا أن نشيع خطابا واقعيا يجعل المرأة تتعامل مع الحياة الزوجية بذكاء،
تتعامل بفطنة مع الزوج حتى تعاشره وتعرف من أي معدن هو، فتعرف متى تعطي ومتى تمنع، متى تطيع ومتى تصمد، مع من تضحي وعلى من تتدلل، متى تأمن ومتى تحذر … خاصة بعد أن اختلطت المفاهيم في مجتمعنا، ولم تعد قيم الشهامة والتعفف سائدة كما كانت من قبل… هذا الخطاب يتقنه بعض الخبراء النفسين على رأسهم طارق الحبيب، ويجهله كثير من الوعاظ الذين لا زالوا يلقون باللوم على الزوجة عن كل خطأ ارتكبه الرجل.
وفي الختام عزيزتي المرأة، لا تعطي إلا ما تستطيعين أن تتنازلي عنه بدون مقابل، وتعرفي حدود طاقتك ولا تتجاوزيها، وإن عملت صالحا فأصلحي نيتك لله، حتى لا تندمي على صنيعك في يوم من الأيام… وقليل من الأنانية لا يضر.
وتحية لكل زوج شهم، يقدر زوجته ويحسن معاملتها.

1xbet casino siteleri bahis siteleri