لكلٍ وجهةٌ هو موليها!

في هذه الحياة تختلف رغبات الناس وأهدافهم، وتتعدد سبلهم و مسالكهم، فلكل فلسفته ورؤيته الخاصة به في الحياة وللحياة، ولكل وجهة هو موليها. من الناس من يبتغي في دنياه منزلا أو قبر حياة كما يسميه بعضهم! يأويه ويستره من حر الشمس وقر البرد. ومنهم من يسعى لامتلاك سيارة، لطالما حلم منذ زمن أن يمسك المقود بيد واحدة، بينما يده اليسرى تعاكس الهواء من نافذة السيارة المسرعة. ومن الناس من فضل في الحياة الانطواء والاختباء عن الأنظار، يعتزل القوم ويقوم بالصوم، يدعي أن ذلك من الدين وحياة السلف والصالحين. ومن الناس من هدفه في الحياة، فتاة؛ فمنهم من يتبع عشيقة أو صديقة، ومنهم من يطمع لزوجة صادقة. فكلهم مهاجر، إنما لكل هجرته ووجهته.

فهناك من يسعى لتحقيق ذاته بالكسب المادي والربح المالي الصِرف، بإنشاء أكبر عدد من الأرصدة المالية والحسابات البنكية والاحتياطات من العملة، فلا شيء يعلو عنده عن الدرهم والدينار أو اليورو والدولار، تجده يجوع مقابل جمع المال، يمرض ويُفَرِّطُ في صحته وسلامته مقابل لَمِّ المال، لا يلبس مقابل كنز المال، ولا ينفق إلا مكرها، أو بعد قيامه بعمليات حسابية متكررة، ليتبين الربح من الخسارة، محاولا إيهام نفسه بدوام ثروته وعدم نقصانها، لكن المسكين لا يعلم أن المال مال الله وأن الدوام لله.

بينما هناك من يتلخص هدفه في الحياة بامتلاك السلطة، والسطوة، والجاه والجبروت، كآلية من آليات إبراز الذات والتحكم في الآخرين، وتسييرهم، وتطويعهم وترويضهم بين يديه وعلى هواه، مدعيا في ذلك امتلاكه لشخصية قوية وقيادية، بينما هو في الحقيقة لا يعدو كونه يملك شخصية مرضية تتميز بالضعف الشديد، وبالنقصان، والحرمان وملامح السادية، المتسمة بالتلذذ في تعذيب الآخرين والنيل منهم بالأقوال والأفعال، بغطاء من السلطة التي يدعي والحظوة التي يملك. يا ليت هذا النوع من الناس يدرك الفرق بين أن تسعى للسلطة، وأن تسعى للقيادة؛ فأن تسعى للسلطة أمر نابع من الحرمان أو العدوان أو محاولة استشعار الأمان، أما أن تسعى للقيادة فشيء نابع من التقاسم والتعاون ومحبة النجاح.

ونحن نحاول رصد أهداف الناس في الحياة ووجهتهم، لم ولن تخطئ أعيننا نوعا من الناس طالما انتشر بكثرة في مجتمعاتنا ويا للأسف، أناس همهم الوحيد والأوحد يكمن في تتبع عورات الآخرين، التلصص عليهم وتقفي آثارهم، محاولة التواجد معهم خلسة في كل وقت وحين؛ في بيوتاتهم أو في أعمالهم، مع أبنائهم أو آبائهم أو حتى أزواجهم وزوجاتهم، بل يجتهدون في معرفة أسرارهم وحميميتهم. أناس طبعهم الحسد والكراهية، أناس من شر ما خلق، نفوسهم مليئة بالبغض والظلام ووجوههم لوحة من الشر، ألسنتهم تنفث السم، قوم فشلوا فشلا ذريعا في الحياة فزادهم الله مرضا، شعارهم العداء للنجاح، وهمهم نشر القتامة والإحباط والتثبيط في صفوف الآخرين، ماضيهم فاشل وحاضرهم متوقف ولا مستقبل لهم في الأفق، فاحذروهم! عزيزي القارئ، ليس عيبا جمع المال، كما ليس عيبا امتلاك ناصية التسيير والتدبير؛ لكن العيب كل العيب أن تتحول هذه العطايا إلى رزايا.

ليس عيبا أن نتفاعل من الآخرين، أن نسأل عنهم، أن نعرف همومهم ونجاحهم، أحوالهم وحياتهم، لكن العيب أن نبغض الناس ونحقد عليهم وعلى إنجازاتهم. من المؤسف أن نجد في مجتمعاتنا أفراداً بمثل هذه الأهداف! لكن ما يفسر أهداف الناس في الحياة، يختلف باختلاف ماضيهم، باختلاف تكوينهم المعرفي والأكاديمي، باختلاف بيئتهم ووسط عيشهم وتنشئتهم الاجتماعية والنفسية والسوسيو-اقتصادية، باختلاف مداركهم وقدراتهم، باختلاف حجم طموحاتهم وأحلامهم، باختلاف قداوتهم وعرابيهم، كذلك باختلاف الإيمان الكامن بداخلهم. ويبقى من المؤكد أن أهداف الناس في الحياة تتراوح بين الخير والشر، فإما أن تكون أهدافا خيرة تخدم الفرد وتحقق سعادته وبالتالي سعادة محيطه الصغير والكبير، أو أن تكون أهدافا شريرة تنعكس عليه وعلى محيطه وبالتالي مجتمعه بالسلبية وسوء المصير.

1xbet casino siteleri bahis siteleri