صورة الشخص في السينما الوطنية

لطالما كانت المرأة المعنفة، والأرملة المنبوذة من طرف المجتمع، والمطلقة المشتبه بها، والأم الصبور على زوجها السكير من أجل الحفاظ على بيتها وأبنائها من التشرد، وربة البيت الأمية التي تتعارك في الشارع مع جارتها بسبب حبل غسيل وغيرها من الشخصيات التي تحط من قيمة المرأة، مُشكٍّلة بذلك الصورة النمطية للمرأة في مسلسلاتنا وأفلامنا، قليلة هي تلك الأفلام التي تصور المرأة ككائن قائم بذاته بعيدا عن جنسها وفيزيولوجيتها، نادرة هي الأفلام التي قدمت المرأة كمديرة شركة ناجحة، أو موظفة مستقلة بذاتها، أو إنسانة طموحة تسافر، وتناضل، وتدرس وتفكر…وإذا ما شخصت المرأة غنية إلا وشخص أغناها أو أن مالها إرث من زوجها أو أبيها…وكأن هذه الأمة غير قادرة بنفسها على صنع الثروة والنجاح من الصفر.

غرضي من هذا ليس هو الدفاع عن المرأة أو مناهضة التمييز الجنسي وغير ذلك، لا، فالرجل خاصة والمواطن المغربي عامة لن تسلم صورته من التشويه والتنقيص في جل ما نشاهده على شاشاتنا الصغيرة والكبيرة، لذا فهدفي وراء جرد كل ما سبق هو أن لهذه الصور المنبعثة تبعات كبيرة وخطيرة، إذ إننا نتأثر كثيرا بكل ما يأتينا بطرق غير مباشرة، وبكل ما نراه يتكرر بشدة، ونخلط بل ونصل أحيانا إلى الخلط بين ما شاهدناه في التلفاز وما رأيناه في الحياة الحقيقية، نتبنى المواقف والآراء من المسلسلات ونعتبر عاديا ما يعتبر فيها عادي، ونمجد ما يمجده الفيلم ونلعن من لعنوا ونبذوا فنجدنا جراء هذا نلعن العاطل عن العمل، ونهين الأرملة وننعتها بأقبح صفات الدناءة.


أصبحت صورة الأم المغربية عندنا مرتبطة بالهمجية ونتخيلها دائما تلك التي تتعارك وتجيد السب والشتم والتنابز بالألقاب للانتصار على عدواتها من الجارات، ليستغل المخرجون هذه الصراعات كلقطات كوميدية تزيد من نسب المشاهدين، أما الحب المغربي في المسلسلات فغالبا ما يشخص زائفا ومائعا لا يمت للحب الجوهري بصلة…كل هذا بسبب هذا التسويق المبالغ فيه للمواطن المغربي في مسلسلاتنا الوطنية…لا نستطيع أن ننكر أن جزءا مما نشاهده يمثل الواقع في إطار ما يسميه السيناريستيون ب”تعرية الواقع”، لكن، ألا تشاطرونني الرأي بأن ما هو معرى بالأصل تعرية أخرى لا تفيد بل تزيد الطينة بلة وتزيد المواطنين حقدا على حقد لهذا الوطن وهذا المجتمع…أصبح كل واحد من أربعين مليون مغربيا يلعن ويسب بقية المغاربة، حتى ما عدنا نعرف من هؤلاء المغاربة الذين يلعنهم كل المغاربة؟

السينما الوطنية محتاجة لأعمال تبث فيها روح العمل والأمل، تبث فيها حب النجاح، وتزرع في شعبها قوة الشخصية بدل صورة المواطن المقموع من مهده حتى لحده، نحتاج لأن نرى في مسلسلاتنا فتاة بعمر الأربعة والثلاثين غير متزوجة ولا أحد يلقبها بالعانس، نحتاج أن نرى شابا لم يفلح في إيجاد عمل بعد التخرج لكنه درس أكثر وطور مهاراته التواصلية وأصلح مشاكله في اللغات وبحث و لم ييأس ووجد عملا في النهاية…ببساطة نحن نحتاج إلى الأمل فقد سئمنا من مشاهد البكاء والنحيب والألم.

1xbet casino siteleri bahis siteleri