الموسيقى الصاخبة

كل ما في جسم الإنسان من أنظمة وأجهزة وأعضاء، بل وأنسجة وخلايا وذرات تعمل جميعها تحت تأثير إيقاع معين؛ وكلما كان هذا الإيقاع أقرب للفطرة والطبيعة كان أكثر توازنا وتناغما، وهو ما ينعكس إيجابيا على صحة الإنسان جسدا وعقلا وروحا.

يلعب هذا الإيقاع دورا خطيرا في قدرة عقل الإنسان على تنظيم ملايين الإشارات الكهربائية عن طريق التحكم بالطريقة التي تُرسَل بها المعلومات من خلال الجهاز العصبي، والتحكم كذلك بالطريقة التي تُستقبل بها هذه الرسائل.

عندما يخضع الإنسان إلى إيقاع لا يتفق ولا يتناغم مع الإيقاع الطبيعي لجسمه، سواء كان ذلك برغبته أو مرغما، فإن ذلك يشكل ضغطا وجهدا وإرهاقا لجسمه، وتبدأ الآثار السلبية بالظهور في أي إنسان، وهذا ما تثبته الدراسات والأبحاث من ضعف وترد وتدهور في الأداء والفعالية والإنجاز، بل وزيادة حدوث الأخطاء في العمل، وضعف القدرة على صنع القرار.

وإذا كانت هذه الإيقاعات مرتفعة الصوت ومدوية كالموسيقى الصاخبة، فإن الآثار السلبية تكون أشد وأعنف.

يؤدي الاستماع للموسيقى الصاخبة إلى أضرار على مستوى كل خلية من خلايا الجسم، فيستقبلها الجسم كصورة من صور الألم ليزيد من إفراز الهرمونات المُسكنة للألم وما يصاحبها من نشوة ولذة ومتعة، وهذا يفسر إدمان المراهقين على هذا النوع من الموسيقى الصاخبة، والاستماع إليها لساعات طوال في اليوم، والاستمرار في زيادة رفع الصوت.

يؤدي الاستماع للموسيقى الصاخبة إلى فقدان السمع إلى الأبد، نظرا لتدمير الشعيرات الدقيقة الصغيرة في الأذن الداخلية، وهي المسؤولة عن إرسال الصوت كإشارات كهربائية للدماغ، لتحويلها إلى الصوت الذي نعرفه، وهذه الشعيرات متى تلفت فلا سبيل إلى إصلاحها.

لقد بين التقرير الأكاديمي الملكي البريطاني للموسيقى أن عدد ضحايا الموسيقى الصاخبة بصفة خاصة قد وصل إلى 75 حالة وفاة بين المراهقين والمدمنين على هذا النوع من الموسيقى، من الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 و24 عاما.

مقالات مرتبطة

وقد بينت الدراسات أن تأثيرات الموسيقى الصاخبة على عقل الطفل والجنين تكون أشد وأكبر، حتى وإن كان الجنين مازال في بطن أمه، ولأن ذبذبات الصوت تصل إلى الجنين وهو هناك، لتعمل عملها المدمر في عقله أثناء تكوينه.

أما التأثيرات السلبية للموسيقى الصاخبة على نفس الإنسان وروحه فهي أعظم وأكبر، إذ تصرف الإنسان أن يكون جزءا من خلق الرحمان، يسبح في ملكوت السماوات والأرض مع كل ما يسبح له سبحانه.

إن الموسيقى الصاخبة حقا لمرض ودمار، وما سُقْتُه لكم اليوم من حقائق ما هو إلا غيض من فيض، وما خفي كان أعظم، فأنقذوا من تحبون من هذا المرض الفتاك المدمر للإنسان وعقله وروحه.

  

عن سلسلة “ومحياي” للدكتور وليد فتيحي

تفريغ: أمال الكارح

تدقيق لغوي : مصطفى الونسافي

 

1xbet casino siteleri bahis siteleri