بيت الزوجية 2 : التفهم والتفاهم..

736

اقتضت سنة الله تعالى في هذا الكون أن يخلق للنفوس سكنا لها يجعلها أكثر توازنا وأمانا، وهي سنة ثابتة تتغير فقط إذا تعاملنا معها بإهمال ولم نع جيدا عمقها وحكمتها.

تأسس هذا البيت السعيد الذي يضم زوجا وزوجة، حيث قطعا أشواطا كثيرة ليتعايش كل منها مع طباع وشخصية الآخر، وتجاوزا بعض الأزمات التي يمكن أن يعاني منها كل بيت في بدايته بأمان وسلام.

وصلنا إلى مرحلة التفهم والتفاهم:

– تفهم العبارات والحركات والمعاملات.. وعدم تأويلها.

– التفاهم حول الأشياء المشتركة التي تهم الحياة بكل تفاصيلها.

قبل أن نتكلم على هذا المبدأ الجميل لا بد من نظرة سريعة حول اختلاف المفاهيم بين الرجل والمرأة، كيف  يفسر ويحلل كل منهما المواقف والأحداث، حتى يستطيعا تجاوز الخلاف والاختلاف.

وحسب مجموعة من الدراسات والأبحاث حول الفرق بين عقل الرجل وعقل المرأة، وبإطلالة سريعة على رأي بعض الخبراء، إضافة إلى بعض المفاهيم المقتطفة من كتاب ” النساء من الزهرة والرجال من المريخ ” أضع لكم الخلاصة التالية :

هي:

دماغها عبارة عن شبكة واسعة من الأسلاك، يمكن أن تركز وتتحدث في أكثر من موضوع في الوقت نفسه، تهتم بالتفاصيل كثيرا، تتذكر الأحداث التي أثرت فيها سواء سلبا أو إيجابا، لها عاطفة قوية تتغلب على عقلها عموما، تعبر عن مشاعرها بطريقة غير مباشرة .
عندما تعاني من مشكلة ما، تفضل التحدث عنها ومشاركتها مع الآخرين، بحثا منها عن المساندة المعنوية بالأساس، فهي لا تبحث عن الحل في غالب الأحيان.
الهدية بالنسبة لها تعبير عن الحب والتقدير، تهتم برمزيتها المعنوية أكثر من قيمتها المادية.

 هو:

دماغه عبارة عن مجموعة من  الصناديق المنتظمة، يتحدث في موضوع واحد ولا يستطيع أن يركز في أكثر من ذلك، لا يهتم بالتفاصيل، لا يتذكر الكثير من الأحداث، يتغلب عقله على عاطفته عموما، يعبر عن مشاعره بطريقة مباشرة.

عندما يعاني من مشكلة ما، يفضل العزلة والانطواء للتفكير فيها بهدوء، وعند طرحها يبحث عن حل مباشر لها.
الهدية من وجهة نظره تعبير عن الحب والتقدير، يهتم بقيمتها المادية، التي يجب أن تكون كبيرة حتى ترضي الطرف الآخر.

هذه القواعد التي رأينا معا ليست ثابتة، يمكن أن تختلف من زوج لآخر، ومن مجتمع لآخر، بناء على التربية والبيئة والمعتقدات، هي فقط إشارة إلى ضرورة تفهم الاختلاف في التفكير وفي تأويل الأشياء، فالرجل ليس كالمرأة، والمرأة ليست كالرجل… فما تراه الزوجة عاديا ومتجاوزا يمكن أن يشكل فرقا لدى الزوج، وما تراه الزوجة مهما لاستمرار الحياة يمكن أن يمر عليه الزوج مرور الكرام…

وما يحل هذا الإشكال هو تفهم هذا الاختلاف وتبني مبدأ الحوار، حيث من شأن حوار بسيط أن يحل مشاكل كبيرة، ومن شأن إهماله أن يراكم الكثير من الخلافات التي يمكن أن تتحول إلى آفات اجتماعية، الأسرة في غنى عنها.

قبل أن نتحدث عن قواعد الحوار البنّاء لا بد من معرفة ماهيته ومفهومه.
الحوار عبارة عن حديث أو مناقشة بين طرفين دون أن يكون بينهما ما يدل بالضرورة على الخصومة.

ليس الاهتمام بآداب الحوار فضولا من القول بل ضرورة حضارية لأن الحوار يؤثر في تشكيل قيم الأفراد وأفكارهم وسلوكهم… ومن قواعده كما ذكر الدكتور طارق الحبيب:

– حسن البيان : بساطة العبارة من غير إطالة ولا تكرار.
– الظرف المناسب : مراعاة الظروف النفسية والاجتماعية.
– لا تستأثر بالحديث : قالت العرب قديما “خير الكلام ما قل وجل ودل ولم يطل فيمل”.
– كن مستمعا بارعا : لن تستطيع أن تفهم حقيقة مراد محاورك ما لم تكن راغبا بجدية في الإنصات إلى حديثه.
– لا تقاطع : إذا كنت تريد أن ينفض الناس من حولك ويسخروا منك حينما توليهم ظهرك، فإليك الوصفة : لا تعط أحدا فرصة للحديث.
– ابدأ بنقاط الاتفاق : عرض نقاط الاختلاف يوقف الحوار من أوله، لذلك ابدأ بنقاط الاتفاق.
–  افهم من أمامك : من المفيد أن تفهم شخصية من أمامك قبل الشروع بحوار معه.
–  مثال وطرفة : لا تجعل حوارك جافا بل اغنه بشيء من الأمثلة والطرائف.
–  أنا وأنت : الأجدر بالمتحدث أن يتجنب هذه الضمائر ويتحدث بصيغة العموم، حتى نتجنب الأنانية والعجب والغرور بقول “أنا” أثناء الحوار.
–  الدليل : لا تحدث عن كذوب ولا تنقل عن غير ثقة.
–  الأمانة : الحرص على الأمانة في الإتيان بالدلائل وصدق الكلمات.
– لا أعلم : من الإخلاص أن يقول لا أعلم لمسالة لا يعلمها.
– لا تغضب : الغضب يؤدي إلى التسرع في تخطئة الآخرين.
– اعترف بالخطأ : العاقل من يسلم بالخطأ حال تبينه للصواب.
– اغضض من صوتك : الضجيج لا يستر العجز، والهدوء لا يضيع الحق.
– احترم الطرف الآخر : عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به.

الوصول إلى هذه المرحلة الراقية من “التفهم والتفاهم” لا يأتي عبثا، بل يحتاج إلى جهد ونضج الطرفين، في تعلم قواعد الحوار البنّاء، تطوير مهارات الإنصات والتواصل، والقراءة حول أنماط تفكير المرأة والرجل، والأكثر من ذلك النية الصادقة في بناء أسرة متوازنة تحقق رسالة إعمار الأرض بالخير والصلاح.

بعد تجاوز هذه المرحلة المتميزة، سيكون لدى الزوجين القدرة على بناء أسرة فاعلة، وتحقيق الأهداف النبيلة التي سطراها معا في بداية زواجهما.

انتظروني في الجزء الثالث من”بيت الزوجية” ومرحلة “البناء والاستقرار”.

عن سلسلة “الأسرة القيادية”.                                                                                                                                                    للمدربة فاطمة الزهراء شرويط..
1xbet casino siteleri bahis siteleri