الطريقة التي نفكر بها..

661

“يمكنك حل الخلافات بنفس طريقة التفكير التي استخدمتها في إيجاد هذه الخلافات.” البرت اينشتاين.

في هذا العالم المليء بالفوضى والجنون الذي نعيشه هذه الايام، الكثير منا بدأ يبحث عن شيء جديد بعيدا عن الإضطرابات والمنافسات والنزاعات، وهذا شيء جيد ولكن المشكلة هي في طريقة البحث، وعن ما نبحث عنه أصلا.

هناك شخاص يقولون” نحن نبحث عن السعادة” وهنا نخلق نزاعا جديدا مع الحياة ومع من حولنا ومع من نصادفهم في طريقنا نحو السعادة، اعتقادا منا أنهم هم العائق وهم السبب في عدم وصولنا إلى الهدف الذي نسعى إليه. والنتيجة هي أنك ستجد نفسك تعاني أكثر وأن ألمك يكبر. المشكلة هي أن بحثنا كان من الخارج وكان منفصلا عن ذاتنا في الأصل، وبهذا السعي الدائم والمستمر للسلام والراحة والسعادة والإصرار عليه بهذا الحماس دون ان نفهم ما نبحث عنه بشكل دقيق وواضح لن نصل إلى نتيجة. ودون أن نفهم أنفسنا-نحن الباحثين عن الشيء- أيضا الطريق لن يوصلنا إلى أي مكان. الكثير من الناس يسألون عن كيفية معرفة الذات ويعتقدون أن الموضوع فلسفي وسيكولوجي ويحتاج إلى متخصصين، ولكن هو أبسط من هذا، والوصول إلى نتيجة من أنت يُحسم خلال أيام أو أسابيع قليلة، عندما تريد فعلا أن تفكر في ماهيتك وتتعرف على نفسك فالمفروض أن أسلوب تفكيرك بنفسك يجب أن يختلف، وأن طريقة تفكيرك بالأشياء الموجودة أمامك يجب أن تحدث بطريقة مختلفة، وذلك بدون خلفية مسبقة، ودون الرجوع إلى مادة التفكير المخزنة عندك بصرف النظر عن الموضوع الذي تريد معرفة شيء حوله.

آلة التفكير الموجودة عندك يجب أن تقف ولو لفترة لكي تصبح لديك الفرصة لإصلاح وتغيير رؤيتك للأشياء، لأن رؤيتك وتقييمك للأشياء مهما كان نوعها وأهميتها في حياتك، فنظرتك للأشياء هي التي تحتاج إلى إصلاح وليست الأشياء نفسها، فلا يمكنك إصلاح الشيء بنفس المادة التي استخدمتها من قبل، والتي كانت السبب في كل ما تعانيه اليوم، إذا كانت لديك آلة لتصنيع أي شيء وتنتج بضاعة غير جيدة وفاسدة فالإصرار والحماس على إنتاج المزيد لن يعطيك في النهاية إلا المزيد من البضاعة غير الجيدة والفاسدة، إذن فصب المزيد من مادة الأفكار الموجودة عندك على آلة التفكير أيضا لن تنتج إلا أفكارا سيئة ونتائج سيئة.نوع المعرفة الواهبة للاطمئنان والسعادة والرضىالتي تجعل حياتك تتصاعد والتي نحتاجها اليوم هي التي تجعلك مقتنعا بأنك لا تعرف الكثير  وبأنك في حاجة لمعرفة المزيد، لأن الحياة بكل مستوياتها أقوى وأكبر منا كبشر، ولهذا أحيانا فإن بعض العالقين في هذه الأزمة بحاجة إلى توقف التفكير بالمخزون المعرفي الذي يمتلكونه وإلى التبضع وتخزينٍ جديد لنوع آخر من المعلومات والمصادر وقراءة جديدة للمستقبل، مع أننا نعلم أنه من الصعب على الناس إيقاف التفكير.

كل الأسئلة التي عندنا وعطشنا للمعرفة والحقيقة هي بسبب فضولنا عن هذا العالم، ورغبتنا في استقصاء وفحص واستجواب كل ما يصل إلى جهازنا الحسي، وهذا طبيعي ومشروع ولكن في بعض الأحيان عندما تكون الحاجة ملحة لمعرفة ماهو حقيقي وماهو مزيف فإن ما يجب أن يحدث في طريقة تفكيرنا هو أن يتحول من نشاط ذهني إلى استسلام ذهني، أي التفكير الذي ينتهي إلى تأمل وفقط، كي نسمح للمعلومات بالتدفق.

كيف يمكنك أن تصل إلى نتائج وأنت تقاوم كل الأفكار قبل وصولها إلى العقل حتى، وقبل تذوقها.

إذا كنت تخاف أن يدخل فكر جديد إلى أفكارك القديمة ويعبث بها فهذا يعني وجود مشكل في هذه الأفكار، لأنها هشة وليست صلبة ولا تصلح إلا لخلق معارك لا نهاية لها مع الحياة، ويصير العقل مجرد جهاز تصريف لانفعالاتك ومغامراتك الفكرية. كلنا نسبح في هذا البحر الضخم والهائل من الأفكار والمعتقدات والممارسات، فيه الجميل والرائع، وفيه ما ليس ضروريا فيُقَيِّدك ويعيقك.

مسؤوليتك الجديدة اليوم هي التنقيب في أغوار هذا البحر لاستخراج شيء جديد وأفضل لتنتفع به أنت والمجتمع الذي توجد فيه.

 

عن سلسلة (العقل زينة) لسائد دزدار.

تفريغ: حسن دكا.

التدقيق اللغوي: مصطفى الونسافي.

1xbet casino siteleri bahis siteleri