قد يكون ما يبحث المرء عنه في كافة آفاق حياته هو أن يبقى مطمئنا، أتحدث عمن يرى سعادة قلبه وروحه في البحث عن راحة البال، التي لا ولم تكن في مأوى غير حضن الله وبين يديه جل في علاه، فلا مال يشتريها، ولا جاه يضمنها، لدرجة أن راحة البال هاته إن صح التعبير عنها، فهي الحياة، وإن صح التعبير مجددا فهي الحياة الصافية السليمة داخليا وذهنيا، كالسماء الصافية الزرقاء اللامعة.
فهذه الراحة لا يمكن أن تكون مطلقة لأن الحياة الظالمة لا تمنحنا سوى الضغط والتوتر النفسي الذي يأتينا من أشخاص قد مروا بحياتنا وتركوا في أذهاننا طابعا عنهم لن ينسى من الخذلان ومن الكذب، فتماما كالسماء رغم صفائها إلا أنها تفقد صفتها ليلا عندما تظهر النجوم عليها، فما دمنا بهذه الحياة، إلا ويجب علينا اليقين التام بأننا لن نسلم من قساوتها وتجاربها بسرائها وضرائها، إلا إذا آمنا بالله وكنا متشبثين بسنة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، التي هي مذهب ومنهج الحياة، فدائما ما أجد نفسي في تفكير عميق ولهفة عن حلمي الذي أتمنى لو أنه كان في عهدنا هذا رسولا يدعونا ويوجهنا، وفي آن واحد أخشى من أن رسولنا الكريم قد يخيب ظنه في أمته فأقول يا رب اجمعني به في الجنة فألقاه وأتحدث إليه، نحن نعيش في هذه الدنيا ونراها غريبة بشعة امتلأت ببشاعة المجتمعات وغدر الناس وخذلانهم وكذبهم وأصبحت الدنيا غريبة، أصبح الحق باطلا والباطل حقا وخير مثال ما يقع في فلسطين، أين الأمان وأين غزة وأين رفح وأين عكا وأين القدس وأين الإنسانية؟
نحن في فوضى قاتلة، هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان سيسر بهذا، لا، طبعا لا، ورغم ذلك الحياة لا تستحق فنحن زوار، منا من التجأ إلى دار الحق ومنا من ينتظر دوره بفارغ الصبر كي يلقى ربه، أما الظالم فهو يخاف الموت ويخشى العقاب، وما أصعب وأقسى دعوة المظلوم، وصدقوا القول عندما قالوا أقصى انتقام هو الدعاء، فمن ظلم لن يعيش حياته إلا وقد جبر قلب المظلوم، وكسر قلب الظالم، وما أجمل العدالة الإلهية، لقوله تعالى : {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14].
وخلاصة القول، رغم قساوة الحياة، إلا ويجب أخذ تجاربها نقطة قوة لا ضعف للاستمرار من جديد، وتذكير القلب والعقل بالغاية من وجودنا، الصلاة الصلاة، ونعود مجددا إلى السماء التي رغم أنها تفقد صفاءها ليلا، إلا أنك ترى النجوم تزينها لا تفسدها، وعبرة اليوم؛ ركز على جمال الأمور التي تملكها واترك التي فقدتها، وثق بالله الحي القيوم الذي اختار لك ولم يخيرك، فلو خيرك لندمت عن اختيارك وحينها لن تجد ما يصلح والندم لن يفيد، فنعم بالله ثم نعم بالله.