مشقة الطلاب

عن مشقة الطلاب أتحدث، عن عبارات الحياة الصعب، وعقارب الساعة تحصي عذاب الانتظار، الانتظار لسنوات تلو سنوات غاية في تحقيق المراد الوصول إليه. يمرون بفترات عصيبة يطغى عليها طابع الأسى والحزن، وبعد تجارب طويلة، يستنتجون أن ما الدراسة سوى حظ أمام مجهود شاق ومتعب، ليكرروا تلك العودة المتجددة لنقطة الصفر!

قطار الحياة يسرع عند الانطلاق ويتباطأ عند الوصول، والسنوات تتراكم ولا زالوا يحصون عذاب الانتظار، خلفوا وراءهم الأسرة، والجيران، والأحبة والأصدقاء للتضحية بفقدانهم من أجل كسب العلم والمعرفة والتقدم للأمام مصداقا للقولة الشهيرة: “من جد وجد ومن زرع حصد.”

قدموا وأمامهم هدف واحد، آملين تحقيقه بدون آلام أو تعب، فالصحة كنز من ذهب ولولاها لم استطاعوا إدراك مخلفات الحياة من أمراض نفسية وجسدية، فيبقى السؤال الوحيد: رغم كل المعيقات، هل استطاعوا الوصول؟ سأجيبكم: لا ندري حتما، فأعدادهم كثيرة، لعل البعض قد استطاع الوصول، لكن بنسبة ضئيلة ويبقى الآخرون في لائحة الانتظار. والأبشع من الأمر، كما تعلمون أن كرونا خلفت مزيجا من السلبيات لهم، فقد أوقفت مسيرتهم لمدة عام فباتوا يتحسرون مجددا عذاب الانتظار، ولولا تلك الدراسة عن بعد لأصابهم الاكتئاب والضجر ودخلوا مرحلة “الهزيمة النفسية”، لكن الله رحيم بعباده، فقد ساعدنا ولله الحمد على تجاوز الأزمة من هموم وملل، فقد قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ}.

من جهة أخرى أن الطلاب لم تعد تتوقف دراستهم على مستوى التحصيل الدراسي فقط؛ فالتحصيل أمر سهل، لكنهم يريدون أن يعلموا ما سيستنتجون من تخصصاتهم من قيم ومبادرات، فهذا الشيء هو الذي لا يستطيعون إدراكه ما دامت المنظومة الفكرية غير مكتملة تماما بما سيؤهلهم لاستكمال شهادات الماجيستير وشهادات التفوق والامتياز. ستساعدهم هذه الشهادات على معرفة قيم وأهداف تخصصاتهم كي يتقنوا ويبدعوا فيها مستقبلا، وهذه أمنية من باقة الأمنيات التي يريدون بفارغ الصبر تحقيقها والوصول إليها.

آمنوا بأن الصبر مفتاح الفرج والكرب، فأشهر العلماء في تاريخ البشرية نجحت تجاربهم وسط مجموعة من المشاكل والتحديات، وكيفما كانت قدراتهم وإبداعاتهم، فقد تركوا الخيال لأنهم يدركون، ومن أسف، مرارة الواقع وعذابه، فأصعب شيء في حياة الطلاب: العمل بدون جدوى أو إذا صح التعبير: العمل بدون مقابل.

حاربوا المرض، اعترضوا التداوي لتوفير مال للدراسة، أحسنوا وأخلصوا وأتقنوا في دراستهم ومعاملتهم وعلاقاتهم، صوروا للأجيال القادمة تجربتهم بصورة كاذبة لكيلا يشعروهم بمرارة الدراسة وشقائها! أدركوا قيمة العلم ومنزلته وضرورته في السير نحو طريق أرقى وأنجح في الحياة. فهذا هو الواقع!

ختاما، كل ما ذكرته سابقا يعتبر حقيقة لا فرار منها، لكن ما لم يتم ذكره، أن الحياة دائما ما تعطي فرصا وتبعث برسائل أمل وتفاؤل، لتزهر وتزرع البهجة والتشويق مجددا لكيلا تكسر القلوب وتقطع خيوط المشاعر!

1xbet casino siteleri bahis siteleri