السعادة الحقيقية

أحيانا تمر الأحداث حولنا بسرعة خيالية وجنونية إلى درجة أننا لا نستشعرها أو ربما لا نستوعبها، لا ندري ماذا يجري حولنا وبداخلنا، لا نعرف الحزن من الفرح ولا الخوف من الشجاعة حتى الحب والكراهية لا نتمكن من التمييز بينهم.
محطات الفرح كثيرة وعديدة في حياتنا لا يمكننا عدها، هذا في حالة إذا لم نغلق الباب أمام السعادة ومصدر البهجة وفتحنا الباب على مصراعيه لهموم الدنيا وظروف الحياة أن تؤثر علينا، وننسى حتى أن تلك المحطات الصعبة القاسية فهي عبارة عن سعادة وفرح لا متناهيان لا نشعر بهما نظرا لسوء فهمنا وجهلنا لبعض الأمور ولأننا غالبًا ما ننسى أن كل نقمة في طيها نعمة وأن كل محنة تخفي وراءها لحظات سعادة مطلقة.

إن السعادة الحقيقية لن تتحقق إلا بعد استيعابنا للسياق ومواجهتنا للخوف المسيطر علينا وعلى مخيلتنا من الوقوع في بئر الأحزان والتعاسة وربما حتى الخوف الغامض من الفشل يزيد الطين بلة ويحول دون وصولنا لأهدافنا ومبتغانا الذي غالبا ما يتمثل في تحقيق أحلامنا وإثبات ذواتنا. من جهة، كل خطاباتنا وشعاراتنا تدعي أن الوقوف بعض السقوط صعب وقاس لكنه ممكن وأفضل بكثير من الوقوف مستندًا على الآخر إلى حين لا ندري أجله، لكن من جهةٍ ثانية نجد أن مجموع المخاوف داخلنا لا تؤمن بتاتا بالفشل وإعادة المحاولة مرة أخرى بعد السقوط، بل وتزرع داخلنا الرعب من عدم الوصول لهدفنا الأسمى الذي لطالما عملنا جاهدين لتحقيقه وذلك لمجرد الوقوع في مأزق أو في مشكلة وكل هذا يجعل من إمكانية الوصول صعبة وعسيرة رغم توفر الإمكانيات والظروف التي غالبا ما تظهر لنا غير مشجعة.

إن الفشل لا يعني أبدًا أن النجاح مستحيل بل إنه قريب وممتد بفضل مجموع تلك التجارب الفاشلة والسقوط اللامتوقع الذي يتكرر عده مرات ونجهل ما وراءه. باختصار، التجربة، والفشل، والسقوط وإعادة المحاولة هي أسرار نجاح كل تلك الخطط المرسومة والتي نبتغي تحقيقها وتحويلها لواقع.

لم يكن ولن يكون النجاح أمرا سهلا أبدًا فمن وراء كل قصة نجاح وتفوق سلسلة قصص من الفشل المتعددة والمختلفة أحيانا ومحطات عديدة من التعب والخمول تزرع السلبية والإحباط في نفوسنا حتى تحول دون تذوقنا لسعادة تلك اللحظة التي نعيش، بل ونظن أننا قد أوشكنا على النهاية. هذه الاخيرة التي تُظهِرُ لنا معالمها عن الفشل المطلق والسقوط الأخير.

مقالات مرتبطة

أنا مقتنعة تماما أن كل العوامل المحيطة بنا ليست محفزا ولا مساعدا على تحقيق أهدافنا بل إنها في أغلب الأحيان تمثل منطلقا لليأس والبأس اللامتناهي، ودعوة مباشرة للتخلي عن كل تلك الأحلام التي ترعرعت بداخلنا وكل تلك الأهداف التي كبرت معنا منذ أول يوم لنا في هذا العالم. لكن، يجب أن نكون نحن مصدر التحفيز لأنفسنا ومركز الأمل في الأفضل. أظن أن ما يجعل السعادة لا تدوم وما يجعلها مزيفة هو عدم استيعابنا أن النجاح في الحياة يعادل سنوات ممتدة من العمل الجاد المتواصل ولحظات عديدة من الحزن والتعاسة والوقوع ثم الوقوف لمعانقة الحلم مرة ثانية بالإضافة إلى التفاؤل المطلق بغَدٍ أجمل وأن السعادة الحقيقية لن تأتي إلا بعد الإيمان بوجودها والقضاء على كل تلك المخاوف التي نكنز بداخلنا.

يقول جلال الدين الرومي في إحدى كتاباته:

إن كل نفس ذائقة الموت إلا أن الحياة لا تتذوقها كل الأنفس.

مقولة تلخص وتصف حال الكثيرين منا، إذ لطالما بحثنا وسعينا لتحقيق أهدافنا وأحلامنا لكن ننسى غالبا أن الحياة لن تدوم كثيرا وإنها أقصر الأحبال وجودا، هذا ما يجعلني دائما أتساءل: لماذا لا نحرص على الاستمتاع بكل لحظة حتى وإن كانت قاسية، وإن كانت تقلقنا فيجب أن نفهم أنها ليست سوى وسيلة لجني العبر والدروس واستخلاص الأحكام التي ستساعدنا في استكمال مشوارنا الحياتي في أمان وبأقل الأخطاء، فالحياة ليست إلا محطات متتالية من الفرح والحزن المتعاقبين، لذا يجب الوقوف عند كل واحدة لإعادة النظر فيما سبق.

ختاما إليكم مجموعة من الأسرار والتي هي عبارة عن نتائج خلصتُ إليها بعد بحث معمق ومطالعات عديدة في موضوع البحث عن السعادة: أولا، إن بداية كل يوم جديد تعني بداية قصة مليئة بالفرح والحزن، التفاؤل والأمل في غد أفضل. ثانيا، إن التجربة هي أفضل وسيلة لبناء وتراكم المعارف التي تخول لنا تحقيق أحلامنا وبلوغ أهدافنا. تأكد عزيزي، عزيزتي القارئة، كي تكون سعيدا يجب أن تتخلص من الخوف من مستقبل حزين وتتخلص من ذكريات الماضي الحزينة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri