دَهـالِيز…! أينما تذهب تكون هناك أيـضا

وأن تأتي البدايات دائماً رحْبة متجدّدة مُنذرة بالسّعة، مُتخمة بالشغف، تستحثّنا على الخوض وتدفعنا للسّعي بروح ملؤها الأمل، الكلمات مليئة بالأصوات مع أن لا أحد يقولها، بينما يستبيح الصمت فينا مسارِبها، ويلبس الحروف الطّريّة كصقيع يمتصّ أنفاس البراعم الناعمة، لسنا متشائمين، ونحب الحياة ككل البشر، ننشد الحب والسعادة والسّلام، كل شيء مليء بالهروب، مع أنّه لا طُرق هناك! كل الأشياء تهرب نحو حضورها! لا الصعب يُضنيك، ولا السّهل يُغنيك، كل مُضاد للكلام يغدو مرادفاً في حضرة شعورك المنطفئ! متاهتي تمكّنت منّي، وخيالي العائم، ورجفاتي، وبعض الضّحكات الباردة، كلّهم أهدوني انتماءهم لي!

في هذا المدى مُتّسع للتّسكّع بين جدران الخيال، وأنت تمضي إلى ما لست تدري ويتكاثر في رأسك السؤال! إنّها دورة من الدنيا ونمضي، فهل تُفضي عما مضى أم سيهزمك الحنين! سترحل بعد حين إلى مكان لا تعلمه، خذ زادك معك كي تشيّع جوع الفراغ المر ولا تترك خلفك غير ما يخِفّ به حِمل القلب، لا توجد مسألة يصعب على الإنسان حلّها أكثر من الخرس الذي يُصاب به تحت تأثير الفائض من الشعور، في المشاعر لن يحل أحد مكان أحد!

الألم ليس درجات، ولكن المتألّمين هم الدرجات، بعضنا يتناغم مع آلامه العظيمة كأنه يرقص مبتسما بين خطاها، وبعضنا تقعده الآلام الطفيفة في غرفة وهْم مُظلمة ضيّقة وإن كانت على الواقع رحبة مُضيئة، الآلام على الناس سواسية ليست درجات، والناس على الالآم درجات ليسوا سواسية!

ليس بوسعك أن تكون لا شيء، هذا خيار يخص الخفّة! عصفور حائر في السّرب وحلم لم يتحقّق بعد وفكرة لا يهزمها أحد، وإن تكالبت عليها مواقد المواجع في الظّلام، ففي المسافة مُتّـسع لالتباس الوضوح ولغموض النّدى في بحر الغمام، الرّوح تئن بصدىً مسكون برائحة الغرباء، كلام غامض في حضرة حقيقة واضحة!

مقالات مرتبطة

أناي

راحة البال

لا يوجد للمشاعر هوّيّة تصفها بحد ذاتها إنّما تحدّد هوّيّتها العلاقة التي تربطنا بهذه المشاعر، فليس الفرح زهري راقص، ولا التسامح أبيض ناصح، ولا الغضب أحمر ثائر، ولا خوف أصفر مرتجف، ولا الكره قاتم السّواد، إنّما علاقتنا بهذه المشاعر وحالاتنا خلال نوباتها هي التي تسقط عليها هذه التشخيصات!

نحاول جاهدين أن نقرأ ذلك الجزء المنقوص من القصة قبل أن نضيع في دهاليزها، نحاول لململة تلك الخطوط الدقيقة والمبعثرة على اللوحة الباهتة لنزيل رمادية الصمت عن مدلولاتها، نحاول الجري بسرعة في مضمار نظن أن نهايته سعيدة، ونهرب بذات السرعة من شكوكنا بعكس ذلك، نبحث دائماً في تيهنا عن شاخصات تنبهنا سلفا بالحفر الخبيثة التي تترصّدنا، فنخدع غالبا إذ تكون الشّاخصة والحفرة جزءاً واحداً من مصيدة كبيرة، نهدر جل حظوظنا غارقين في جوانب الأمور وخارج عتبات المسالك القصيرة، وتدوي في جوانحنا تساؤلات وتساؤلات!

أيّها الجُـرْم المشلول في فضاء نَـهِمْ هل وصلت لإحـداثيات البداية؟! هل وجدت مسارك المنشود، وعرفت إلى أين تمضي!؟ اسمع واسأل، إن كان التخيّل أقل شأناً من التجريد! واسترح من عناء السؤال؟ عن الفرق بين المــدى والصّـوت، فليس في الأفق جواب! مُجرّد إدراك أنّك لن تنال كل شيء تريده، يغيّر تجربتك الحياتية تماماً، إن لم تجد القناعة ما يرضيها فالصّـبر مستعد لخدمة محياها! ترضى بما هو لك، تطلب ما تريد برفق، وتعمل على تحقيق أحلامك بسلام، اصبر جميلا واتّقِ الأمور بأنواعها، لأنّ المُـنا باعتبار حد جهادك لها! وتقبل ما لن يكون لك، تمضي بهدوء، وتنمو فوق النّعمة المُضنيّـة.

معظمنا يرى هذا الإدراك هزيمة، ولكنّه انتـصار…انتصـار من تلك الغيمة التي خلّفتها أنفاسك هي أصْدق خبر تحتاج أن تؤمن به، إنّـك رغم كل شيء لا زلت حيّـاً، لا زلت تملك بعض الأنفاس، وبعض الرّوح، وبعض الأمل، وتلك، لو تدري عُـدّة كافية للبدء من جديـد، قلّل شروطك التي تضعها عائقاً أمام فعل ما تريد فعله، إذا كنت حقّـاً تريده، لا تشترط مكاناً مُحـدّداً، ووقتـاً محدّداً، ظروفاً محدّدة، فمع كل واحدة من هذه، تتعالى القيود عليك ويصير مزاجك السّيّء سلطاناً رديئا يصيبك بالشّلل!

1xbet casino siteleri bahis siteleri