هل الأشخاص السعداء أكثر صحة؟

أظهرت الدراسات أن الأحاسيس السلبية تضر بصحة الجسم، وأن ما تشعر به يؤثر على صحتك الجسدية بجانب صحتك النفسية؛ فعندما تغضب، يرتفع ضغط الدم وقد تعاني من صداع الرأس، ومشاكل في النوم.

قبل أن نغوص في هذه الدراسة وغيرها، لنرَ معنى السعادة لكل منا، كيف تحدد وتُعرِّف السعادة عامة وسعادتك خاصة؟ ما الذي يجعلك سعيدا؟

“السعادة هي معنى الحياة وهدفها، وهدف الوجود البشري كله وغايته”؛ كانت هذه كلمات الفيلسوف اليوناني القديم أرسطو منذ سنين ولا تزال صادقة حتى اليوم.

قد لا يستطيع الكثير منا صياغة تعريف للسعادة أو حتى تحديد كيفية حصوله وتمتعه بها. لكن بخلاف ما يراه البعض؛ فالسعادة ليست لغزا أو أحجية تحتاج للكثير من التفكير أو الحل.

السعادة مثلما قد تبدو كلمة خيالية فهي في الواقع بسيطة ولا تتطلب كل ذلك الجهد والغناء لفهمها والوصول إليها. ربما هي كذلك بالنسبة للكثيرين لأنهم يربطونها بشيء معين وإن لم يقع خاب سعيهم في تحقيقها؛ وحتى إن كان سيتحقق، عاشوا التعاسة في انتظار ذلك الشيء الذي يحدد سعادتهم.

قد تلاحظ يوما ما أو تتساءل عن سبب سعادة البعض أكثر من غيرهم؛ ففي الواقع، جميعنا نعيش مشاكل وصعوبات وفترات انتكاسة في الحياة، لكن البعض يقرر أن يبتسم في وجه الحياة ويعيش اللحظة برغم ما تحمله من تحديات ويغتنم فرصة الاستمتاع بالحياة بدل أن ينغمس في التعاسة ويغمر نفسه بها.

قد أكون مخطئة، لكنني أميل لأن أختصر السعادة في الامتنان، فعندما تكون ممتنا لما تملكه في الحياة مهما بدا صغيرا سترى الحياة بمنظور آخر. أستحضر هنا مقولة المهاتما غاندي: “نحن نبحث عن السعادة بعمق، ثم نجدها في أبسط الأشياء.”

مقالات مرتبطة

فلنعد لسؤالنا الآن عن علاقة السعادة بالصحة؛ في دراسة تابعت أكثر من ستة آلاف امرأة ورجل بين عمر 25 سنة و 74 سنة لمدة عشرين سنة، اكتشفت الدراسة أن الإيجابية خفضت احتمالية الإصابة بأمراض القلب. وأن المشاعر الإيجابية تؤثر فيها عوامل كالمحيط، والعائلة والأصدقاء بالإضافة إلى نظرة الشخص الإيجابية للحياة.

أبانت الدراسة أيضا على أن الأطفال الأكثر إيجابية في سن السابعة هم غالبا في صحة جيدة بعد ثلاثين سنة، وكانت هذه الدراسة مثيرة للجدل. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد بعض الباحثين أن العادات السيئة كالتدخين أو قلة الحركة هما السبب وراء أمراض القلب وغيرها من الأمراض. وبينما كان الباحثون يناقشون الأمر، طرحوا سؤالا: “لماذا يقوم الناس باتخاذ قرارات سيئة فيما يخص أسلوب حياتهم؟ وهل يقوم الأشخاص الإيجابيون باختيارات صحية وجيدة أكثر؟”

يرى الباحثون أن كل الظروف المحيطة بالأشخاص لا تجعل من الممكن العيش بدون قلق، ورغم ذلك، هم يؤمنون أنه إذا علَّمنا الأطفال الصغار أن يُطوِروا من قدراتهم على التفكير الإيجابي، ستطور هذه الصفات صحتهم العامة في المستقبل.

إذن، فلنعد إلى سؤالنا، هل الأشخاص السعداء أكثر صحة؟ كيف ولماذا؟
في الغالب الجواب هو نعم، الأشخاص السعداء أكثر صحة من غيرهم؛ لأنهم يملكون منظورا جيدا وموقفا متفائلا عن الحياة، لأجل هذا سيقومون باتخاد قرارات صحية وإيجابية في الحياة. فكونك سعيدا يعزز مجموعة من عادات النمط الصحي. فالأشخاص السعداء يميلون إلى تناول وجبات صحية وممارسة الرياضية.

وجدت دراسة أخرى أجريت على أكثر من سبعة آلاف بالغ أن من يتمتعون بالإيجابية والسعادة يستهلكون نسبة أعلى من الفواكه والخضر ويقومون بنشاط بدني أكثر مقارنة بنظرائهم الأقل إيجابية.

كما أن الشعور بالسعادة يساعد أيضا في الحفاظ على قوة نظام المناعة، مما يساعد على محاربة نزلات البرد والتهابات الصدر. بالإضافة إلى أن الأشخاص السعداء ينتجون مستويات أقل من الكورتيزون عكس الأشخاص الأقل سعادة، والذي قد يؤدي إلى اضطراب النوم وارتفاع ضغط الدم.

ختاما، تؤكد الدلائل العلمية أن للسعادة فوائد كبيرة على صحتك. بينما يلزم إجراء المزيد من البحوث لفهم كيفية عمل هذه التأثيرات على الصحة، فلا يوجد سبب يمنعك من البدء في تحديد أولويات سعادتك الآن. ركز على الأشياء التي تجعلك سعيدا لتحسن صحتك النفسية والجسدية ومن تم تتحسن حياتك. وتذكر؛ إذا كنت سعيدا وتعرف ذلك فصحتك بالتأكيد ستثبت ذلك.