عندما تربي أطفالك: دعهم يقلدونك!

715
في زمن التكنولوجيا، بات الأطفال يدمنون الألعاب الإلكترونية وذلك يثير غضب معظم الآباء، بعدما ترك الآباء العنان لأطفالهم لاكتشاف ذاك العالم الواسع من التكنولوجيا الرقمية، شعروا بالندم بسبب تلك الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية على شخصية أطفالهم. لكن، أين يكمن حل تلك المشكلة؟
إذا لاحظنا مسببات تلك الظاهرة عن كثب نجد أن الوالدين يقضون جُلَّ أوقاتهم على هواتفهم؛ ولأن لدى الأطفال حب الاستطلاع، ترك الآباء لهم العنان لاكتشاف ذاك العالم الرقمي، ليصبح الطفل فريسة له فيصاب بالتوحد والمشاكل الجسدية وتقل اجتماعياته عندما يرفض اللعب مع أقرانه بسبب إدمانه للهاتف، وهنا تصبح الكارثة! ولكن الكارثة الأكبر عندما لا يستمع الطفل لنصائح والديه بترك الهاتف فيلجأ الوالدين لاستعمال أسلوب العنف وإجبار الطفل على ترك الهاتف ليصبح عرضة للإصابة بالمشاكل النفسية.
لكن، كيف يمكن الحد من تأثيرات تلك الظاهرة التي لا يكاد بيت يخلو منها؟ يكمن الحل عزيزي القارئ في أن الأطفال لا يستمعون لنصائحك بقدر ما يريدون تقليدك، لا تأمر طفلك بالصلاة وأنت لم تقربها، ولا تأمر طفلك بترك الهاتف وأنت لم تتركه من يدك للحظة واحدة، جرب أن تفعل نشاطا مختلفا، قم بإخفاء هاتفك أو قلل استعماله وامسك كتابا وابدأ بقراءته، ستجد طفلك قادما إليك ليكتشف ما الذي تقرؤه وسرعان ما سيحضر هو الآخر كتاباً ويقلدك، بمعنى آخر كيفية قضاء أطفالك لأوقاتهم هو انعكاس لكيفية قضائك لوقتك، وهذا كان منهج سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فقد كان قدوة حسنة لأصحابه يقلدونه في سلوكياته، فالتدريب العملي من الوسائل الجيدة في التعليم ولا يقتصر الأمر فقط على التلقين وإعطاء النصائح.
لهذا، لا تهدر وقتك بنصح طفلك طالما لم يجد السلوك السوي في تصرفاتك، وإن استمع لنصيحتك فاعلم أنه استمع لها خوفاً منك وليس عن قناعة، ولكنك قدوته الحسنة؛ فهو يقلد سلوكياتك. لذلك، اقضِ وقتك بالطريقة التي تحب أن يقضي بها أطفالك أوقاتهم، وابتعد عن تعنيف أطفالك إن لم يستمعوا لك عندما تنصحهم بترك الهاتف، ولكن استعمل معهم أسلوب الحوار والنقاش، حاورهم وأخبرهم بأن ذلك يضر صحتهم الجسدية، لذلك أنت تمنعهم وإلا سيصاب طفلك بمشاكل نفسية إن أجبرته على ترك الهاتف دون التبرير له لماذا منعته من ذلك.
لديك خياران لحل تلك المشكلة، إما بمناقشة أطفالك وإقناعهم بخطورة إدمان الهواتف أو ترك العنان لهم كي يقلدوك عندما تفعل شيئا مختلفا وجديدا، ولكن ابتعد عن تعنيفهم وإجبارهم على ذلك. والكثير من الأطفال يراقبون والديهم ويفعلون ما يرونه ويشاركون والديهم ما يفعلونه، فاحرص أن يشاركك أطفالك سلوكيات تتمنى أن يفعلوها بمفردهم، كل ما تريده هو أن تترك الهاتف وتلهو بأي شيء جيد وهم حولك، سيدفعهم ذلك لاكتشاف ما تفعله لتقليدك، فاحرص أن تكون المعلم الجيد لأطفالك.