من الفج العميق إلى البيت العتيق (الجزء الثاني)


درس مزدلفة

تمضي لمزدلفة متخففا من أسمال الماضي مثقلا بثقل العهد الجديد، في تلك اللحظة تود لو تهنئ كل من حولك من الحجاج، مع أنك ترى ما ينتابك في أعينهم جميعا، مفترشين الأرض، نعم فالأمر لم ينته بعد. درس الاستسلام والخضوع والذل والعبودية لا زال قائما فكل ما تكرر الدرس تقرر وما أصعب أن يتقرر في قلب تعود الأنفة والكبر والتمحور حول الذات، تفترش صعيد مزدلفة وقد نال منك التعب لكن النوم يفارقك وقلبك مندهش بمنظر الكل. للحظة تتأمل الوجوه حولك كما لم ترها من قبل فكل منهم أشعث أغبر لكن علامات الرضا والطمأنينة والأمل تعلو أساريره، وقلما ترى هذا المزيج الذي يجعل المحيّى أكثر بهاء فتسعد نفسك وتنشرح بمجرد رؤيته.

في مزدلفة تتذكر فواتح سورة الحج بشكل جلي أكثر مع أنك كنت استحضرتها في مواقف كثيرة، ” يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) “-سورة الحج-. تأملك في كل مُضطَجِع من الحجاج يذكرك بهذا المنظر ربما لن تشهد مشهدا أقرب لهذا الوصف من منظر الحجاج وهم مفترشون الأرض في مزدلفة ثم وهم يقومون فيما بعد لصلاة المغرب والعشاء جمعا وقصرا وينفضون عنهم التراب كما لو أنهم بعثوا من قبورهم يوم البعث بمنظر السكارى وما هم بذلك.

لن تنتقل من هنا إلا بعد انتصاف الليل للمتعجل أو بعد الفجر في حال وجود نساء أو أطفال، ولماذا الانتظار؟ كان بإمكاننا الذهاب الى الرجم مباشرة؟ إن ذلك تذكير لنا بأهم دروس الحج ألا وهو الاستسلام لأوامر الرحمن و أن إدراكنا المحدود يعجز عن استنباط حكمه سبحانه والإحاطة بها في جميع الأمور مهما بلغ العقل البشري و مهما حقق من فتوحات و نجاحات و استكشافات، في ذلك تذكير لنا بأننا عبيد يجب أن ننساق لقوانين الخالق.

مزدلفة هي امتحانك الأول بعد أن عدت لتوك مغفورا لك، ها أنت بمزدلفة مولود من جديد، ماذا عساك تقدم أو تؤخر، كيف ستتعامل، كيف ستصلي بعد الآن، كيف ستحقق دور الاستخلاف بعد أن تعود لموطنك، كيف ستحقق معاني الإحسان في حياتك، ماذا سيتغير فيك وقد أعطيت لك فرصة جديدة، وليس صدفة أن يكون يوم ميلادك الجديد أوله عيدا-صبيحة ليلة مزدلفة-، فلتربط كل ذلك بمشاعر ليلة العيد. فليلة العيد غالبا ما يصحبها أمل وترقب، تهييئ وتجهيز، فرحة وبهجة، مشاركة، والكثير من المعاني الجميلة المفعومة إيجابية والتي يجب أن تستحضرها وأنت تنطلق لبناء الشخص الجديد الذي تود أن تكون عليه بعد الحج.

درس العيد ورمي الجمرات

بعد أن جددت العهد بعد عرفات ومزدلفة تستجمع قواك لتسير نحو جمرة العقبة الكبرى وقصة إبراهيم وإسماعيل لا تفارق خيالك.. لما قام أبونا إبراهيم برجم الشيطان في مواقف الجمرات الثلاث كان ذلك ليزيحه عن طريقه بعد ان جائه الأمر الالهي بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام. شهادة القرآن في حق إسماعيل عظيمة فهو خليل الرحمن ومع ذلك ابتلاه في آخر عمره بعد أن قرت عينه بابن بعد سنين لم ينعم فيها بنعمة الذرية، ابتلاءات إبراهيم من قبل كانت عظيمة تَمَحَّص معها إيمانه ووصل بذلك لمكانة الخليل، وبعد كل هذا التمحيص جاءه هذا الابتلاء، ربنا سبحانه كان يعرف مكانة إبراهيم وورعه وتقواه فلماذا ابتلاه هذا الابتلاء بالذات؟ تأملنا في قصته عليه السلام يبين أنه بعد أن رزق إبراهيم بإسماعيل الذي أتاه بعد ان بلغ به الكبر عتيا ورآه فيما بعدد يترعرع شابا أمامه وصار له سندا ومعينا، يأتي أمر الله بذبحه وكأنه بذلك يقول له ألا تعلق بغير الله ينفع، وأن كل تعلق يبعدنا عن الله وينسينا حقيقة الدنيا يجب أن نراجع حساباتنا تجاهه، سواء كان هذا التعلق بمال أو جاه أو عمل أو زوج أو ابن أو غيرهم الكثير مما نجعله محورا لحياتنا يصلح بها صلاحه او يفسد بها فساده، المعادلة لا يجب ان تكون كذلك. لقد ابتلاه هذا البلاء بالذات ليذكره بهذا الامر المهم جدا والذي يجب أن نستحضره في علاقتنا بكل من وما حولنا.

قبل ساعات فقط قمت بتجديد العهد معه سبحانه لكن لا تنس أن ثمة عدوا للإنسانية جمعاء يجري فينا مجرى الدم ولنتمكن من المضي قدما يجب رجمه أو بالأحرى أن نرجم الشيطان فينا، أن نرجم كل خلق سيئ أو تعود خاطئ أو ترسبات تعجيزية أو تعلق مبالغ فيه أو في غير محله ظل يثنينا عن بلوغ أهدافنا. في مواضع الجمرات الثلاث رمى إبراهيم الشيطان ليتجنب وسوسته لكنه كان يرمي معه نفسه الأمارة بالسوء، كان يرمي ضعفه، و تردده، و تعلقه بما سيفنى، و عجزه عن متابعة السير لما أُمِر به، و كذلك أنت عندما ترمي تذكر أنك ترمي أولا تعلقك- بإسماعيلك- أيا كان تجليه في عمل أو منصب أو مكانة اجتماعية أو علاقات، و ترمي أيضا كل ما كان في الماضي حاجزا أمام تحقيقك لذاتك و لدورك كمستخلف في هذه الأرض فترمي تفاهة بعض اهتماماتك، استسلامك السريع، مناعتك الضعيفة أمام مُلَمّات الحياة، فهمك الخاطئ و السطحي الذي يستلزم علما و بحثا عن الحقائق لا استهلاكا غير واع من الغير، تسرعك و تهورك اللا مدروس، اختياراتك السطحية، طريقة تعاملك مع الأمور ومع الناس، خنوعك و تركك لحقك الذي تعزوه لخلق الحياء والإيثار وليس ذلك إلا فهما خاطئا لمعنى الأخلاق، فالمؤمن القوي أحب الى الله من المؤمن الضعيف، ترمي كل ذلك بحصيات سبع في كل مرة، لا يكفي أن ترمي لمرة واحدة، ولا يكفي أن ترمي لمرة واحدة بحصى كبيرة، بل ترمي بشكل متدرج و لمدة ثلاثة أيام – أيام التروية بعد طواف الافاضة- ترمي كل يوم الجمرات الثلاث بسبع حصيات صغيرة الحجم، هل وعيت الدرس؟ نعم فلا يذكر التغيير إلا ذكر معه التدرج وهذه سنة كونية، لا تنتظر أن تصبح في اليوم الموالي للرجم إنسانا مختلفا بشكل جذري، الأمر ليس بهذا الشكل، استرسالك وتدرجك فيما ترفضه داخلك هو أمر يستلزم منك العمل على نفسك لمدة ليست بالهينة فالحج هو نقطة انطلاقة لرحلة تغيير ربما تدوم شهرا، شهرين، سنة، سنتين، المهم أن يبدأ هذا التغيير. تقتضي الشعائر أن تقوم بالدعاء بعد الجمرات، وفي هذا إشارة لطيفة جدا أنك وبعد الأخذ بالأسباب-المتمثلة شعائريا بجمع الحصا ورميها -تلجأ إلى الله داعيا، وهذا تجديد لعهد التوكل فلا حول ولا قوة لك أيها الإنسان مع اتخاذك لجميع الأسباب ولا تمكين ولا تيسير للأمر إن لم يتوج برضا وعناية ومعية من الرحمن.

في الرمي إشارة للهدم، لكن تذكر أن ما تهدم به، لتغيير أمور أنت تريد إزاحتها او تغييرها في نفسك، هو نفسه ما تبني به، لطوير أمور ترغب في تجديدها في ذاتك أو التحلي بها تحقيقا لعهد الولادة بعد عرفات. ثم يأتي الحلق كنسك بعد الرمي تأكيدا على معنى التخلص من آخر العثرات والشوائب.

بعد رمي جمرة العقبة تستقبل البيت مكبرا مذَكرا نفسك أن الله أكبر من كل شيء و أن هذا الشعار وجب أن تستحضره في كل محطات حياتك حتى تتمكن من المسير قدما، تطوف طواف الإفاضة في نشوة من النقاء و الطهر لم تشهدها روحك من قبل و تتمنى لو دام ذلك الإحساس بملامسة روحك للآفاق لأكبر وقت ممكن و أنت الذي طالما لوثتها و أثقلتها بالماديات و الأخطاء و بكل عمل نتج عن سوء فهمك لماهية الحياة، أثناء الطواف تستحضر دروس طوافك الأول بشكل مختلف فأنت كلما غصت في أعماق الأمر رأيتك بعين مختلفة و أحسست به بشكل مختلف، و ذلك في كل أمور الحياة من علم و عمل و علاقات و معاملات. أثناء الطواف يذكرك جسدك بأنه ربما وصل أعلى درجات تحمله، أثناء الطواف تحس فعلا إنك تتحدى حدود قدراتك الفيزيولوجية بعد أن توالت خطوات مشيك على الأقدام بزاد قليل ونوم أقل، تغالب ضعفك وتذكير جسدك لك بذلك فطالما كان تذكيره هذا سببا في كسلك عن نيل بركة الأعمال وربما عدم أدائها بالمرة، ثم فقدت بذلك درجة الإحسان فيها، وربما توالى كسلك أياما وأياما حتى بدأت شيئا فشيئا بالتكاسل عن الأحلام أيضا، طواف الإفاضة تجديد لعهدك بالتشبث بآمالك مهما وهن الجسد والفكر. في الحقيقة أثناء مضيك في مختلف المناسك تستحضر أولا أهمية الاعتناء بالجسد غذاءً و رياضة لتحقق التوازن الذي ينبغي والذي تستطيع به أداء مهامك كمؤمن قوي قوة فكر وجسد معا، تقديم أعذار كعدم القدرة على أداء بض المهام أو التكاسل عنها بدعوى عدم القدرة الجسدية هو علة غير مقبولة، لكن في نفس الوقت هو أمر يمكننا تفهمه في إطار غياب المحرك و الحافز، الحج بطبيعته و بطريقة توالي نسكه يعلمك أن تسطير الأهداف بشكل يومي- النسك اليومية والتفاصيل المقترنة بها- و تسطير الأهداف العامة – بلوغ عرفات أو أداء جميع المناسك فروضا وسننا بدون رفث و لا فسوق أو بشكل أكبر التعهد على التغيير أثناء و بعد الحج- ، يعلمك أن مسألة تسطير الأهداف إن غابت عن حياتك فقد غابت معها البوصلة و بالتالي ضللت معها الطريق فتفسر ذلك بعدم القدرة سواء الجسدية او الفكرية، الفكرة هو أن الحافز الأساسي الذي سيجعلنا نتغير فعلا بعد الحج و نسمو بأحلامنا لدرجة تحقيقها هو تسطير أهداف ليس بالضرورة أن تتسم بطابع الاستحالة بل يكفي أن يكون الأمر روتينيا بالنسبة لك فيبدأ يومك بتسطير أهداف ويبدأ مشوار تحقيق آمالك بخطة مقسمة إلى أهداف فتنزل بها من طابعها الميتافيزيقي الحالم إلى تفعيلها بشكل واقعي.

نعود لدرس الذبح لنستوعب معه لماذا لم تكن تدم فرحتنا بالعيد إلا لأيام معدودات ولماذا أصبح العيد -عيد الأضحى-مقترنا بأكل وشرب ومنافسة في شراء أجود الأضاحي ومفاخرة بين الناس وحزنا لغير المستطيع، بل وربما يمضي مملا عند البعض الآخر، هناك أيضا من يفضل قضاءه مستجما في سفر وترحال، الأحوال مختلفة وكلها يفيد أن مفهومنا تجاه العيد لم نُلَقّنه جيدا كما لم نُلَقّن سلسلة طويلة من الدروس بشكل جيد. الأصل في العيد قربة لله عز وجل، الأصل في العيد مشاركة و زكاة لنتعلم أن هذا الأمر يجب أن يُغرس فينا بعد العيد لتدوم فرحة المحتاج و تدوم فرحة المتصدق فتدوم بالتالي فرحة العيد و تمتد إلى كل عمل خير و عطاء، الأصل في العيد استحضار لقصة أبينا إبراهيم ونجاحه في الابتلاء وارتقاءه بالابتلاء و تعلمه حقيقة الحياة بالابتلاء فنتعلم أن تتغير نظرتنا للابتلاء من نظرة شؤم و حزن و كسر لنظرة تصحبنا لما وراء الابتلاء من سَبر لحكمه وفهم لحقيقته وإظهار لأمور فينا لم تكن لتبلو وتظهر لولا الابتلاء، الأصل في العيد تشخيص إسماعيل داخل كل منا و الذي يمكن ان يتجسد في شخص او مكانة او هدف او ملكية فنتعلم أن نتحرر منها شيئا فشيئا حتى لا توجهنا على هواها، الأصل في العيد تكبير مستمر و تنبيه لنا و لمن حولنا بأن هناك قوة أكبر وأوسع و أقدر من كل شيء، أن هناك من يستند إليه عند الشدة من يُستغفر فيغفر و من يُستعطى فيعطي و من يُسترزق فيرزق و من يُتوكل عليه فيكون نعم النصير و الوكيل فلا تمجيد لغيره و لا خوف من غيره ولا تذلل لغيره مهما كان الوضع، استعن بالله و امض بسند من الكبير. الأصل في العيد صلة رحم انقطعت رغم قرب المسافات، صلة رحم قُطعت و قطعت معها الرحمة و الألفة و ازدادت انعزالية الأفراد و استقلاليتهم السلبية عن بعضهم، الأصل في العيد غرس لفكرة سيادة الانسان في الأرض حيث أنه سخر له مخلوق آخر تحت تصرفه لذبحه ترسيخا لفكرة الأمانة التي يحملها على عاتقة كخليفة و سيد على المخلوقات وكل لقب هو مقترن بمسؤولية والمسؤولية هنا عظيمة و جزاء التقصير فيها عظيم بعظم قدرها، الأصل في العيد فرحة تمتد بالتحرر من الأغلال و بعطاء مستمر مالا و حبا للآخر و بتقرب لله بأسمى ما نملك، فرحة العيد لا تنقضي بغروب شمس يوم العيد…

العودة للفج العميق

بعد الطواف و الذبح تستريح كأنك تستريح استراحة محارب أنهى للتو معركته، وفي الحقيقة أنك مررت من معارك كثيرة أثناء أداءك لمختلف المناسك فتغيير عوالق النفس أصعب مما يمكنك تصوره، العادي أنك تعمل جاهدا على تغيير ما حولك و إصلاح الأوضاع لكنك تغفل عن تغيير النفس التي بين جنبيك، أنت إذاً خضت معركة سلمية بامتياز، تستحق بعدها بعض الراحة استعدادا للتغيرات اللاحقة، لكن انتبه فالأمر لم ينته بعد لا زال أمامك درس المبيت بمنى و رمي الجمرات فيما يسمى أيام التشريق، هل تتذكر أيام تثبيت الدروس ما قبل الامتحانات؟ تماما هي كذلك أيام التشريق أيام ذكر وعبادة وتأمل وتثبيت لجميع الدروس التي تلقيتها في إحدى أكبر المدارس وأرقاها.

ثم يحين وقت الرحيل أو بالأحرى وقت فطام يضاف لقائمة ما اضطررت لأن تُفطم عنه من قبل، لكن الأمر في الحج أكبر وأشد، كيف تعود بعد ما أحسسته من رقي وسمو روح؟ كيف تعود وأنت تنتشي قربا وعظمة وقدسية في كل مكان تطأه؟ مفهوم العودة مرتبط لديك بالعودة إلى سابق عهدك وهذا الأمر في حد ذاته يرعبك؟ كيف تعود وتحافظ على الشخص الذي كنت عليه طوال أيام الحج؟ التحدي كبير جدا لدرجة أنك لا تتخيل أنك ستنجح فيه.. لكن جرعة الحج الإيجابية التي شُحنت بها تمسح عن ذهنك كل تلك الأفكار السلبية لتعد نفسك بالأفضل عند العودة.

إن هذا الرحيل هو جزء من الشعائر نفسها، في الحقيقة أنت لم تمر بكل ما مررت به من عبر وتجارب وعلامات لتختزن تلك التجربة العظيمة لنفسك، لم تولد من جديد لتعود الانسان الروتيني العديم الوجهة والآفاق الذي جئت أصلا لتتخلص منه…وتذكر أن أدائك لشعيرة الحج يوقظ فيك مفهوم إحياء المقاصد وبث الحياة في كل عباداتك حتى لا تسقط في فخ فصل دينك عن تفاصيل حياتك، أداءك لشعيرة الحج كما العبادات الأخرى لا تسقط عنك ما يجب فعله بمجرد أداءها بل هي تقوية لك للمزيد من العمل.

عظم هذه العبادة أعظم من اختزالها في لقب مسمى – حاج -، بل هو بصمة تذكرك باستمرار أنك عاهدت عهدا عظيما وأُعطيت فرصة أعظم، فاعتبر ثم الزم واحرص على ألا تعود لفج روحك القديم الذي عاهدت ربك ونفسك ألا تعود إليه.

1xbet casino siteleri bahis siteleri