من غشنا …

كلنا نعلم ماذا يعني الغش…. نعلم لم تحاربه الأمم المحترمة….. نعلم لم يعتبر نذيرا لسقوط الحضارة واندثارها…. نفهم جيّدا أنّه لا فرق بين غشّ فئة صغيرة و تعميم الغش.. فالمبدأ واحد و النتيجة واحدة.
فلنقف وقفة تأمل في ظاهرة الغش وليسأل كل فرد نفسه محاولا إيجاد إجابة عن سؤاله ” ماذا سيحصل لو نجحت بالغش؟.. فلن تخرب الدنيا ولن تنتهي ” والإجابة: ” ما المانعُ إذن في أن يغشّ الجميع؟ .. و لنرى إن كنت ستأمن على نفسك بعد الآن لدى الأطباء …… وعلى حياتك في ركوب حافلة سائقها لا يحسن القيادة …….. و على أبنائك لدى المعلمين بالمدرسة……..
تخيل معي أن لك ابنا متفوقا في دراسته كيف سيكون شعورك يوم يسخر منه طلبة غشاشون قائلين .. ” لقد اجتهدت طيلة العام .. و نحن لم نفتح كتابا و كنّا ننام ملء الجفون .. و سندخل الكلية التي ستدخلها”
لم تستطع المنظومة التربويّة أن تقنع الطّالب منذ أن كان طفلا في عمر الزهور بأنّ تحصيل العلم خدمة للأمّة قبل أن يكون سببا لكسب لقمة العيش. فالامتحان هو وسيلة وليس غاية، فهو وسيلة لكشف مواطن القوة ومواطن الضعف في العملية التربوية بهدف تحسينها، وهو أيضا مقياس للدول والمؤسسات للانتقال بالشباب من مرحلة إلى مرحلة أعلى في التعليم أو للدخول إلى الجامعة أو الالتحاق بوظيفة أو عمل مناسب، ولكن أصبح الامتحان حاليا غاية لا وسيلة، من هنا انتشرت ظاهرة الغش في الامتحانات.فالغشّ دليلٌ على فشل المنظومة التعليميّة التي تقدّر العلامات أكثر من التّحصيل و تدفع بالطّالب إلى نيل رضى الآباء و المجتمع بالحصول على أشياء وهميّة, حتى و إن كان ذلك يعني التخلّي عن الشيء الذي أُوجدت من أجله المدرسة من الأساس ألا وهو طلب العلم.

الأمور سوف تكون أكثر بساطة لايجاد الحلول الناجعة, لو اقتنعنا ان الغش دليل على فشل منظومة التنشئة الاجتماعية ككل بجميع مؤسساتها وفي كل ميادينها.. ابتداء من الأسرة وصولا للمجتمع و المسجد وفضاءات الترفيه والتثقيف كدور الشباب والنوادي والمؤسسات التربوية والتعليمية بمختلف مستوياتها.. وكذلك دليل على خلل كبير ومركب ومعقد في مناهج التعليم لدينا.. يعني لو كانت امتحاناتنا تقيم قدرات الطالب العقلية والفكرية من ناحية استيعاب المقرر واستثماره وتحاول استفزاز عقله للتفكير والتحليل والاستنتاج, لما كان للغش وجود.. لكن لأن نظامنا التعليمي من المستوى الابتدائي وحتى الجامعي بما في ذلك الدراسات العليا يعتمد على قاعدة ابلع الكتاب أو المطبوع أو كلام الاستاذ ومن ثم اجترارها يوم الامتحان , وإعادة نسخه في ورقة الإجابة بشعار “بضاعتنا ردت إلينا “. فهذا الشعار يثبت للمرة الألف .. بأن العلم الحقيقي لا يقاس بالشهادات و لا بالعلامات . فأحيانا ليس المهمّ أن تنجح .. فالإمتحانات الدراسيّة ستنتهي عاجلا أم آجلا .. الأهمّ أن تتعلّم أنّ طريقة التّعامل مع الإختبارات أهم من نتيجة الإختبارات.

مقالات مرتبطة

الأهمّ أن لا تفقد ثقتك في نفسك .لا تقتل ابداعك الخاص، لا ترمي بافكارك ومعلوماتك في خانة النسيان, جددها من وقت إلى حين. فهي فانوس حياتك المضيء الذي تستقي منه عبق الحياة …. لاتتخلى عن مبادئك مهما كثرت الإغراءات في طريقك …. فالحياة كلها اختبار… لا ينتهي إلا حين تنتهي .
فالنجاح في الحياة بكا مقاييسها هو الايمان بهدفك وقدراتك العلمية والفكرية دون اللجوء إلى طرق التواكل على الغير أو انتظار التميز على طبق من ذهب دون تعب . خدعوك فقالوا أن الغش سبيل التفوق في العلم وأمور الحياة حتما هي تجارة فاسدة تبيع بها نفسك وكرامتك وتشتري هواك على حساب رشدك ,فقد تناسى أغلبية الناس الهدف الأسمى من العلم واصبح تفكيرهم مقصورا على الماديات فضاعت الأمانة وخان الناس انفسهم وأوطانهم والأمة كافة, بوباء الغش. فعار على طالب علم أن يرضى على نفسه هذه الدناءة الخلقية.

1xbet casino siteleri bahis siteleri