هكذا أحب قيس الحلقة 1 : الجيل الذهبي

قيس من الشباب الذين يرون أنهم يمثلون الجيل الذهبي، وهم بذلك يقصدون الجيل الذي عايش العصر الحجري دون هواتف محمولة ودون قنوات فضائية ولا حتى خدمات الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي كما عايش في الوقت ذاته جيل الآيفون الذي فتح عينيه على كل هذه التغيرات.
.
بالنسبة لقيس فإنه يرى أن الجيل الذهبي قد كبر على مفهوم خاص للحب، فهو الذي كان يسابق الزمن حتى يشاهد حلقات الرسوم المتحركة التي كانت مشبعة بالفضيلة والحب والصداقة حيث تابع بشغف رسائل جودي أبوت لصاحب الظل الطويل، ودمعت عيناه لمواقف روميو في عهد الأصدقاء وحزن لفراق ريمي لأمها. لقد تشبع بالأخلاق التي تابعها بدهشة في حوارات لوز وسكر في أصدقاء الغابة ولعطف الحيوان في ماوكلي ولحب الوطن في فرسان الأرض وهو يتحمس لخطابات حمزة وعبد الرحمن فيها.
.
قيس يعتبر جيله ذهبيا لأنه ترعرع على مفهوم خاص للحب بعيد عن الدراما والمادية والعقد النفسية حب يعطي دون حدود ودون توقع للمقابل بعيدا عن مشاعر الكره والانتقام. وهو نفس الجيل الذي شاهد الحب العذري في مسلسلات العربية الأصيلة في الفوارس والكواسر وتمتع بجميل الشعر في الافلام التاريخية وبروعة اللغة في مقامات بديع الزمان الهمداني ولحوارات الصبابة بين محمد ابن عامر وصبح في ربيع قرطبة. وهو نفسه الذي تراقص على نغمات أغاني كاظم الساهر وماجدة الرومي.
.

مقالات مرتبطة


وبعد جرعة الروعة التي تشبع بها هذا الجيل، يأتي جيل بعده يتشبع برسوم كارتونية لا تعترف الا بالعنف والقوة والحركة، جيل غاطس بالكامل في شاشات الحواسب والتلفاز والهاتف منذ نعومة الأظافر، وبين أسر تقضي اليوم بكامله في متابعة مسلسلات مدبلجة مستوردة من المكسيك تارة ومن تركيا تارة أخرى مليئة بمشاهد الخلاعة وتحمل بين طياتها تعريفا جديدا للمشاعر وصورة مغايرة للحب.
.
عندما يتأمل قيس هذه الفوارق بين المفاهيم التي تربى عليها وبين مفاهيم الجيلين الذين يحاصرانه يخيل إليه كأنه طفرة في التاريخ، ولهذا وجد نفسه منذ طفولته يقاتل على جبهتين في نقاشاته وفي خيباته الشخصية. ولهذا كان من النادر أن يصادف أشخاصا يبحرون معه في عوالمه الخاصة التي لا يراها أحسن من عوالم الأخرين بقدر ما يراها مختلفة ومميزة عنهم.
.
هذه الطفرة الخاصة جعلت قيس ومن يشاطرونه نفس التوجهات يقضون أيام شبابهم يباركون زيجات الجيلين وولاداتهم وهم عاجزن عن فهم منظورهم للحب والزواج والعشرة. فتجدهم أحيانا يتحدثون عن طبيعتهم تارة كأنها ميزة خاصة بعيدة عن شوائب العصر وتارة أخرى كأنها لعنة جعلتهم يصنعون عزلتهم الخاصة بين الفئات العمرية المختلفة.
وانطلاقا من هذه الميزة الخاصة ومن هذا التوجه الذي وجد قيس نفسه داخله منذ صغره تتولد الأفكار في مخيلة قيس وتختلف الروئ عن غيره من الاشخاص، تلك الروئ التي سنعايشها في القادم من الحلقات.

1xbet casino siteleri bahis siteleri