هل استراتيجيتك في التعامل مع المشاكل صحيحة؟

أمر لا يختلف فيه اثنان هو أن أول الخطوات التي يحاول أغلب الناس الأقوياء والشجعان فعلها عندما يقعون بمشكل ما سواء  كان هذا المشكل فشلا، طعنة خيانة أو حدثا قلب الحياة  رأسا على عقب هو الخروج من المنزل والتنزه  وخلق  علاقات جديدة وتعلم أشياء كثيرة  ومحاولة تغيير نمط العيش السابق رغبة  في قطع الحبل الذي يربط القارب الذي جاء بهم  من الماضي إلى هنا.  ورغم أن  كل هذه الأمور هي من أحسن ما يمكن فعله إلا أنهم  يقعون  في خطأ كبير وهو الامتناع عن التفكير في المشكل وتجنب مناقشة موضوعه عبر الهروب منه. ظنا منهم  أن بهذه الطريقة  تشفى الجروح، وهذا خطأ كبير إذ أن الحل والشفاء يكونان بالمواجهة. والهروب ليس أبدا بدواء. طبعا من الجيد أن نبني حياة جديدة لكن ألا يتوجب علينا أولا أن نقفل القديمة أحسن إقفال؟ و هذا الأخير لا يتأتى إلا بالجلوس مع النفس  والماضي وجها لوجه والشروع في التفكير في المشكل وإيجاد سبل لتقبله. هذا  الجلوس المونولوجي لا أقصد به أبدا الاكتئاب بل يمكن اعتباره فترة من تعرية الذات لذاتها. نعمد فيها إلى البحث عن التفسير المنطقي والموضوعي لكل ما حصل. لأن حل المشكل مرتبط بالإجابة عن “لماذا”، ذاك السؤال الذي لا ينفك قائما حتى نجد التفسير. التفسير فقط هو الذي يريحنا ويجعلنا  نتقبل ما حصل ونستفيد  منه في المستقبل وبدون هذا التفسير لن ترتاح أرواحنا.

لا يتأتى التفسير أبدا بأن تولي ظهرك للماضي وإنما  تكتسبه بالمواجهة سواء بطريقة فردية أو عبر الاستعانة بصديق أو قريب أو ذوي خبرة وكل من بمقدوره أن يُعين على التفكير بكل موضوعية في المشكل بغية إيجاد جواب للسؤال: لماذا؟ و من ثم فك الحيرة والغم.

أتذكر أن طالبا كان يحضر لمباراة توظيف ورغم اعتكافه الدائم في التحضير إلا أنه لم يُوَفّق مرتين متتاليتين مما جعله يفقد الثقة في نفسه، يبكي ولا يكاد يجد جوابا شافيا كافيا لسؤاله “لماذا؟” سوى سوء الحظ وعين الناس وحسدهم، هذا الطالب نفسه  جلس ذات يوم وأخد يفكر في الأمر بموضوعية، تملص من نفسه كأنه هو ليس هو، آخدا بعين الاعتبار كل صغيرة وكبيرة، رأى الأمر من زوايا متعددة  ليكتشف في الأخير أن الخطأ ليس في الامتحان ولا في معلوماته وإنما في طريقة  تحضيره فهو لم يحسن اختيار أنسب طريقة وبالتالي أنسب الأجوبة، وقد ضيع الكثير من الجهد في دروس ليست ضمن الإطار المرجعي للإمتحان، ومن خلال بعض المحادثات مع أصدقاء تمكنوا من اجتياز المباراة بنجاح وذلك بعد أن تمكنوا من الوصول إلى أنجع طرق التحضير. ها هنا اكتشف العلة والسبب وتمكن  من الوصول إلى التفسير ولحظتها ارتاح باله، لأنه  أخيرا تمكن من إخماد نار الأسئلة التي طرحها على نفسه مرارا وتكرارا دون فائدة تذكر.

الحل في المواجهة أما أن يهرب الفرد نحو الصخب وجعل العقل ينشغل عن التفكير في الموضوع  عن طريق  الضغط في العمل والانغماس فيه أبدا ليس حلا. فعلا هو قد يمكننا من أن نتناسى لفترة معينة لكنه عاجز عن جعل النسيان أبديا. إذ  كلما صادفنا ذكرى أو صورة أو كلمة لها علاقة بالمشكل سنجد أنفسنا نبكي نفس البكاء الأول وكأن الحدث وقع للتو ولو بعد مرور قرن على المشكل. وسنجد علامة  استفهام كبيرة على كلمة لماذا؟ إذ أننا لم نجد الحل ولم نجد ذاك الجواب الكافي والشافي لأننا أغفلنا  التفكير المنطقي والموضوعي في الأمر فكانت النتيجة أن الجرح قابع فينا ولم يشف قط بالعكس  أهملناه كثيرا حتى تعفن وزادت الأمور سوءا.

لهذا يجب ألا نهرب من شيء هو فينا، ولا نتعامل مع مشاكلنا وكأنها كلب ضال يلاحقنا ويريد أن يعضنا  ويجب أن نختبئ منه وراء أول كومة قش نجدها. مشاكلنا منا ويجب أن لا نفر منها ونهملها، بالعكس يجب أن نتكلم ونناقش ونجد الحل والسبب ثم نقفل القضية ونكمل حياتنا ونجددها بكل أمل. بعدها إذا ما تذكرنا المشكل في لحظة ما بطريقة مباشرة، سنتذكر الحل الذي وصلنا إليه فنرتاح عوضا عن الدخول في دوامة الاستفهامات والبكاء  والحسرة  من جديد ونحيي المشكل المتعفن مجهول الحل.

قل دائما لنفسك : أن أهرب من مشاكلي ومخاوفي  عن طريق خلق  الحوارات والعلاقات  مع الآخرين هو غباء بأسمى تجلياته، إذ كيف عساني أهرب من قنبلة  أحملها داخلي؟ كيف عساني أشفى من سرطان  يجتاح  كياني؟ الحل الأمثل هو في المواجهة وليس في الهروب، هو في المعالجة وليس في التماطل، هو في التذكر وليس في النسيان.

1xbet casino siteleri bahis siteleri