الدين والحياة

من الغرائب أن البعض يحسب أن الاستمتاع بالحياة يكمن في ما هو متعلق بالغرائز والشهوات التي تكاد لا تنتهي. نعم، فهي كموضوع لن تنتهي ما دامت الحياة، ولكن كمضمون هي بمثابة رصيد محدود؛ أن تعيش وفق قوانين ربانية هو بالأحرى استمتاع من نوع خاص، فمن الغباء ربط اسم الدين والتدين بشاشة كلاسيكية من الأبيض والأسود، إن كان هكذا اعتقادك فأنت حتما مخطئ، فالدين هو بمثابة غذاء روحي متعدد الألوان والأركان، يجعل الأمور تمشي بشكل مبسط للغاية.

فإن تأملنا قليلا في فرائض الإسلام مثلا سنجدها أعظم قانون منظم للكينونة البشرية، أمور يدفع آخرون آلافا إن لم أقل ملايين الدولارات لتعلمها، أعطيت للمسلم مجانا، ففي الصلاة تنظيم للأوقات، وفي الزكاة إعطاء دروس في التآزر والتضامن، وفي الصوم فوائد تكاد تعد ولا تحصى للصحة النفسية قبل الجسدية، وهكذا لكل فرض من الفرائض فوائد عظيمة.

مقالات مرتبطة

ولهذا، يمكن القول إنه كما الجسد يقتات وقوته أكل وشرب، فالروح أيضا تقتات وقوتها التدين، ومن لا يؤمن بهذا أدعوه أن نجول في إحصائيات حالات الانتحار التي تأتي على أشخاص أدنى ما يقال عنهم أنهم يعيشون الرفاهية، إذ سجل بأمريكا مثلا في إحصاء لحالات الانتحار لسنة 2022 رقم قياسي يقارب 49.000 حالة، أي ما يقارب 14,9 وفاة لكل 100.000 شخص، لكم أن تتخيلوا أن هذه الأرقام قد سجلت في قوة عالمية، متوسط الحد الأدنى للأجور بها يبلغ 78.645 دولار سنويا، هنا يثبت أنه لا علاقة للأمر بالماديات، إلا في نسب قليلة، أكثر مما هي اضطرابات نفسية لا يدرى لها سبب من الأسباب. وهذا ما يستحيل أن يطرأ لمؤمن أقول، حتى أنه أحد الأطباء النفسيين قال: “لقد زارني أشخاص من أصناف عدة إلا حفظة القرآن”.

بيت القصيد ليس النفي وإنما النسبة؛ فالحياة لصانعها، وهو الله سبحانه وتعالى، إذ جعل قوانينها تتماشى والنجاح فيها من كل النواحي، أعطى للمسلم حقه أن يعيش حياة طيبة هنيئة، فالشعور بعدم الرضى أحيانا يكون نتيجة خلل ألحقه الشخص نفسه بأنظمة عمل حياته، إذ إن الدين الإسلامي هو دين الوسطية والاعتدال، مسيرته مبدأ لا إفراط ولا تفريط، ما يجعل نفسية المؤمن في أحسن مزاج، وفي هذا أدعوك أن تغمض عينيك وتتذكر تلك اللحظات التي تنتكس فيها لا سيما مع الصلاة، ستجد نفسك ولو أنك تتوهم السعادة  تعيش الخراب، لأن ركعة واحدة تعادل مئات حصص التأمل أو ما يعرف باليوغا التي تعتبر حسب خبراء أنها تقوم بسحب الطاقة السلبية، وتعزيزا لما سبق أرشح قراءة كتاب فاتتني صلاة للمهندس إسلام جمال، الذي يقدم حقائق علمية تستقطب القارئ بشكل رفيق عبر سفر في مملكة الصلاة.