التَّاريخ

728

التاريخ.. نَعم إنه التاريخ، كلمةٌ ثقيلةٌ في الوزن أليسَ كذلك! هذا ممَّا لا شك فيه، لكن السؤال المطروح هَل ما تم تَبنِّيه في أوراق قَديمة دَوَّنها مُؤرخُون سَلفاً كلها بُنيت على أساسٍ حقيقي وواقعي؟! أم أنها محض سُطور مَغلوطة، والجانب الأسود منها تم تحريفه!

ويبقى التاريخُ سيرة مجهولة لا يعرف حقائقها إلا من عاش في  كل حِقبة مَرَّت عبر تلك العصور، وقائع وأحداث لا نعلم عنها شيئا سوى ما وصَلنا منه، فهل المؤرخون حقا قاموا بنقل الأمانة مما رأوه وسمعوه ونقبوا عنه من هذا التاريخ.. أم أن الزيادة والنقصان كانت من أساسيات هذا التدوين، ما الذي سيؤكد صدق ما نُقِل إلينا، هل هو الحقيقة أم سطور مُلئت بحقائق لا أساس لها من الصحة؟ من نصدق ومن نكذب يا ترى؟ هل نصدق الأحداث التي نشاهدها عبر وسائل اشتهرت في عصرنا الحالي أم الأشخاص أم الكتب والسطور؟

أسئلة كالسهام لا تتوقف عن اختراق الدماغ من كل الاتجاهات، ليست بالعشرات والمئات فقط، وإنما بالآلاف، إنه التاريخ والطعن في مصداقيته يعني الطعن في كل ما تم تدوينه في الكتب ونقله بالصور والرسوم والآثار، إنها حقا معضلة عسُر علينا معرفة سرها وحل عقدتها، التاريخ يشبه اللعبة تماما، له بداية ونهاية، وبينهما عقبات تلك العقبات هي الطرق التي تسلكها أنت للوصول إلى الحقيقة، فإما أن تكون مُرَّة أو حُلوة مزيفة أم حقيقة محضة، أنت من سيقرر إذا كانت تلك الوقائع التي دُوِّنَت صَحيحة أم لا؟

نحن في ساحة التاريخ نقطةٌ صغيرة قد لا نساوي شيئا، مجرد عابرين، ولكن لم لا نقول إننا قد نكون المنقذ لغيرنا فإن لم نستطع فلأنفسنا على الأقل.. فإما أن نغير مساره للأحسن ونكشف عن الحقيقة، أو أن نساهم في دفنها والمشاركة في جريمة التزييف ضميرك سيقرر أم عقلك سيصحو من سباته، أم أنت من ستحرك فيك الحماس للبحث والتنقيب عن الحقيقة، أمامك مسيرة طويلة، تلك العقبات هي كتب وفي عصرنا مقاطع مسجلة تحكي ما قالته السطور موضحة صورة التاريخ الذي لم نكن حاضرين فيه.

كثيرة هي الكتب، كثيرة هي الصور والآثار والدلائل، حان دورك أن تنقب أنت بنفسك لتصل إلى خيط الحقيقة، ستجد مُقارنات.. هذا يتكلم في سيرة لتاريخ والآخر يحاصره بفكرة أخرى عن نفس السيرة بقول آخر، فمن الصادق؟ لا نعلم! إذن المهمة لك الآن لتبحث عن حقيقة هذا التاريخ.. دماغك قادر على تمييز الحقيقة من الأحداث والوقائع المُحرفة، ولكن احذر.. قد تلعب عليك نفسيتك فيصارعها دماغك العاقل، حلاوة الشيء تجذبنا رغم معرفة أنها مزيفة، فنلطخها بألوان الحقيقة ونخفي دماء الجريمة النكراء وهي الحقيقة لا محالة.. فقد تكون الحقيقة المُرَّة زُيّفَت بِثوب من َحرير لتظهر لنا بصورة أجمل والواقع شيء آخر، والمزيف حيك من ريش النعام ليظهر على أنه الحقيقة.

التاريخ أعمق مما قَد يتصوره عقلنا البشري.. مخطوطة التَّاريخ الحقيقي دُفنت في أعمق مكان لا يعرفه أي كائن بشري على هذه الأرض، الله عز وجل وحده يعلم الحقائق وما في الصدور، خلاصة القول لا تصدق كل شيء ولا تكذب أي شيء ابحث بنفسك ونَقِّب عن الشَّيء إذا أردت مَعرفته، المظاهر شيء والجوهر شيء آخر، التاريخ المليء بالحروب قد يكون عاش سلاما لم يكن، وما ظهر لنا من سلام، قيدته عقود قاهرة ففُرض عليه ودُوِّن على أنه سلام حقيقي.. الزائف يبقى زائفا والحقيقة تبقى حقيقة، فلك القرار أن تعيش في أوهام مزيفة أم أن تتقبل الحقيقة.