الخوف

إلى قلب يعيش في اليوم مشاعر كثيرة، هل من الممكن أن نفقد ما نخاف أن نفقده؟ هل سبق أن صادفت تجربة من هذا النوع في حياتك؟
الخوف هو بضع أحرف تكون كاملة، صغيرة في حجمها كبيرة في معناها، هو شعور فطري غريزي يعم الإنسانية ويستوي فيه الآدميون.
الحقيقة أن كل إنسان على وجه الأرض يمر من هذه التجارب، مهما اختلفت الأعمار والمعتقدات والثقافات؛ فلكل منا طموحات، وأهداف ومستقبل ما فتئ يغزو ذاته الفاعلة المفكرة، لكن العالم الداخلي أي العالم الذي يحتوي الملفات العقلية، والخلفيات الذهنية ومجمل العواطف والأحاسيس هو ما يصنع الفرق؛ فهناك من يخاف لدرجة تجعله يعمل بجهد وذكاء واتزان، فيكون هذا الجزع والوجل دافعا له نحو التقدم.
في المقابل، قد يخاف الشخص لدرجة أن يعيش حياته في رعب دائم؛ مما يجعله يتوقف عن التفكير، ويضعف تقديره لذاته، ويشك في قدراته بل يتصرف تصرفات خاطئة تجعله يفقد ما يخاف أن يفقده. لكن هل من الممكن فعلا أن يصل المرء إلى هذا الحد؟ سؤال قد يرد في أذهانكم، فتتضارب وجهات نظر عديدة… لكن الإجابة بسيطة: نعم!
لقد فشت الأمثلة المدروسة في أروقة علم النفس وكثرت. أمثل على ذلك بمثال بسيط وحي من واقعنا المعاش:
مقالات مرتبطة
“أميمة” شابة في مقتبل العمر لطالما تملكها الخوف من ألا تنجح في أول تحد لها للمضي قدما نحو تحقيق حلمها، ألا وهو الحصول في امتحانات الثانوية العامة على الدرجات التي تؤهلها للقبول في كلية الطب، رغم كفاءتها ومستواها الدراسي العالي، حيث كانت تذاكر لأكثر من عشر ساعات يوميا ولأوقات متأخرة من الليل، ولا تنام إلا ساعات قليلة تستيقظ خلالها عدة مرات مفزوعة، إذ تسيطر عليها فكرة الفشل في نيل مبتغاها، فتصاب بالإحباط وتبكي حتى تنام من التعب. استمرت على هذه الحال شهورا انعزلت فيها عن محيطها وغابت بسمة التفاؤل عن محياها.
مرت الأيام وجاء موعد الاختبار، لكن -مع الأسف- من شدة خوفها لم تتمكن من الحضور وفقدت ما كانت تخاف أن تفقده، بل أصبحت كلما نظرت إلى كتاب من الكتب اغرورقت عيناها حسرة وندما. عندما يتوغل الشعور بالحيرة والضياع إلى أعماقك تدور في متاهة لا نهاية لها يغيب فيها الأمل والطمأنينة… وما تبرح تبحث عن لافتة تدلك، أين أنا الآن؟!
مجمل القول، إذا كان الشعور بالخوف فطرة، فإن التغلب عليه اكتساب ومهارة وتعلم وجب إدراكه إدراكا مباشرا. فرغم الخيبات التي لا تعد ولا تحصى، والتي سوف تعترض سيرك، لا تستسلم! أحيانا قد تشعر بأن كاهلك مثقل، كما قد تشعر بأن جناحيك قد تعبت من المحاولة لتطير… لكن لا تيأس!! فلا يأس مع الحياة.
نــخـاف مــا لا نرى ** ونرى ما لا نخاف
فأنظر إلى ما تخاف ** يصبح ما لا تخاف