الحرب صِراع من أجل الموارِد

ما هي الحرب؟ صراع الإنسان ضد الإنسان، صراع من أجل هدف معين، والمتمثل في الحاجة إلى تحصيل الغذاء والموارد، ذلك استجابةً لمؤثر التواجد والحفاظ على الوجود وضمان الاستمرار، وتحصيل الغذاء أولى شروط ضمان التواجد والاستمرار. لذلك فمنذ البداية نزع الإنسان نحو الشر والصراع، ليس نزوعا من أجل النزوع بل من أجل هدف هو تحصيل الغذاء، يعني الصراع هو وسيلة وليس هدف.

من أجل حسم الصراع والحصول على الغذاء اخترع الإنسان أدوات وطورها عبر الزمن، وهنا تتجلى خاصية إبداع الإنسان استجابة لمؤثر البحث عن الموارِد الاقتصادية، فلولا وجود غاية من صناعة رمح ما أبدعه الإنسان وكذلك الفيزياء النووية في عصرنا الحالي التي ينكب متخصصها لتطوير الأسلحة الفتاكة استعداد لأي صراع مُقبل.

مع تطور الزمن ازدادت حاجة الإنسان لموارد أكثر لتغطية متطلباته التي لا تعرف نهاية، فازداد ضغطه على الطبيعة ومواردها، وازدادت حدة الصراع فنشبت حروب، هذه الحروب التي سعى الإنسان بشكل حثيث لكسبها للسيطرة على الغاية من وقوع هذه الحرب وهي تحصيل الموارِد. وهنا كان من الضروري على الإنسان اختراع أسلحة متطورة ومتفوقة على خصمه، وإبداع خطط عسكرية يجهلها خصومه وتأسيس أكاديميات عسكرية لفعل ذلك.

طبعا يبقى السؤال الأبدي والجوهري الذي يجب أن يطرحه الجميع: لماذا كل هذا الصراع؟ لماذا الإنسان مهووس بالصراع؟ الجواب الواقعي هو من أجل الموارد (الغذاء)، يعني الحرب هي استجابة لمؤثر البحث عن الموارد. تاريخ الإنسان تاريخ مليء بالصراع؛ حروب ومعارك، أفكار تُجيِّش شعب على أخر وخطط عسكرية لكسب الصراع، كل هذا من أجل السيطرة على الموارد.

فمن أجل السيطرة على المنافذ التجارية بالبحر المتوسط، مركز التجارة بالعالم القديم، نشبت صراعات قرطاج والمدن الدول الإغريقية (ق 5 ق م)، ومن أجل المحصول الزراعي وزيت زيتون ضفاف المتوسط غزت روما البحر المتوسط جاعلةً منه بحيرة وسط ترابها الممتد.

طبيعة الموارد وكيفية تحصيلها عنصران متغيران عبر الزمن، والحاجة إليهما مسألة مُطلقة. فمثلا في القديم عندما كان الإنسان يعيش في المغارات والكهوف كان في حاجة فقط إلى ما يضمن استمراره، لكن مع تطور الزمن ازدادت حاجة الإنسان إلى موارد أكثر وذات طابع كمالي مرتبط بالرفاهية والثقافة؛ يعني أمور ثانوية عن أصلٍ هو الحفاظ على الوجود الذي كان غاية الإنسان في البداية.

طبعا وكلما زادت حاجة الإنسان إلى مزيدٍ من الموارد إلا ورافق ذلك حروب وصراعات أكثر، وضغط واستنزاف أكثر للطبيعة ومكوناتها دون التساؤل عن مصير ذلك، فالمحرك هو البحث عن الموارد والرغبة في المزيد منها، الأمر الذي يجعل الإنسان لا يهتم بحجم الدمار الذي يسببه لباقي الكائنات في الطبيعة، وعصرنا هذا يوضح بالملموس درجة الدمار التي سببها ويُسببها الإنسان للطبيعة ومكوناتها جراء بحثه الحثيث عن تأمين موارده التي لا حدود لها، أما المُستقبل فلا يُبشر بالخير، نظرا لمدى التطور الذي بلغه الإنسان في أدوات الصراع من أجل الموارد؛ أسلحة مدمرة للعقول وغير مرئية، إعلام موجه ويخدم مصالح طبقة على حساب أخرى، بيع وشراء في الشعوب دون التفكير في أحوالها.

صمت رهيب وخلق لمبررات واهية تجنبا للاعتراف لما ارتكبته دول في حق شعوب دول أخرى إبان الفترة الاستعمارية من سرقة لثروتها وتركها في غيابات التخلف؛ كل هذا يؤكد أن الإنسان كائن يسعى لتحصيل موارده من دون نقدٍ لوسيلة ذاك التحصيل سواء كانت حرب أو وسيلة غير أخلاقية، بل هو من أجل الموارد مستعد لفعل كل شيء للأسف.

1xbet casino siteleri bahis siteleri