في وسط الجبال التي تداعبها أجواء الحرقة السماوية تغطيها تعابير لا أشكال لها ولا عمق لها سوى نظرات ميؤوس منها للافاق البعيدة. وفي هذه الأثناء جعلتني غريزة القطيع أمام إحدى الأفكار المفتاحية التي توجد في أعماق المياه الصافية لكل فرد مستيقظ من سباته. حقيقة فلسفية قد ترعبك في غبطتك الساذجة.
الألم البطيء المديد الذى ينزع الكلمات من فمك ليتبقى فقط الصرخات والتأوهات بحيث تنهار اللغة ولا تعد تعرف كيف السبيل لوصفه، يمر كتجربة بداخلك لفهمه، الألم لا يكتفى بالوجع بل يصل بك إلى أقصى مراحله فتتبقى خطوة واحدة نحو حالة لا هي وعي تام ولا غيبوبة أبدية وإنما جنون محض، أن تتألم هذا يعني دفع ضرائب باهظة مقابل شدة وعيك، أن تتألم هو أن تصرخ حتى يتجمد صوتك هو أن يهتز جسدك من الألم حتى تحتويك الكدمات، هو أن تبكي حتى تصل لمرحلة عينك ليست تصبر وإنما تكسر، إن ألما كهذا قد لا يحسن من أدائنا الجسدي ولكن أؤمن بأنه يجعلنا أشخاصا عميقة تحمل حدثا فريدا فى صمتها وتفصح عن معاناة فذة حين تنساب الكلمات، الألم باختصار هو جنون تعجز اللغة عن وقف عصيانه المدني وتكتفى بالضرب العشوائى بكلمات هنا وهناك، هذا يعنى أن تتحمل ضربات مجهولة الأماكن غير واضحة المعالم، إن تعجز عن التعبير عن الحياة.
إنّ المعرفة بالدنيا تزيد أيضاً في بصيرة الإنسان العملية في الحياة، وتصحّح له توجّهاته، إذ تكون الحياة مظهراً للكمال والحقيقة إذا أقامها الإنسان وعاشها على أساس المعتقدات الصحيحة الحقّة، لكنّنا نجد في النّاس من ليس له عقيدة صحيحة يحيا بها، ونجد أيضاً بعضاً آخر من النّاس من لا يقيم حياته على أساس العقائد الخالصة الصحيحة مع معرفته بها، ويعمل خلافاً لما يعتقد به، وهذا ناشىء إمّا من حالة نفاقية، أو من ضعف النفس وفقدان الإرادة.
تخيل أنك تنازع من أجل البقاء بين قارب على وشك الغرق وأمواج تعلو بين كل متطفل وراءها عاصفة شديدة القوة لدرجة انها تجعلك عاجزا عن التفكير في كل منطق في كل حيلة وحتى في نفسك كل ذرة منك تريد أن تستسلم تريد أن ترتاح وتغرق في سكون وفي مكان مجهول حيث لا حياة تخيلتها يوما لا أمل لك في أن تنجو لكن رغم ذلك تنازع من أجل البقاء لأن روح الله النقية فيك قد ظهرت للتو من ظروف جهنمية من ظروف لم تتخيلها يوما لم تشاهدها يوما لم ترو يوما و لا رويتها يوما.
كل ذلك اختبار لك ولنفسيتك ومنارة لتسلك درب الله لليقين والثبات. فإن نجوت من هذه الظروف حتما ستتغير نظرتك للحياة ولنفسك ستنير دروبك وتبصر الحقيقة التي لم يبصرها إلا الأتقياء وستجعل إمكانية الحياة تستحق أن تعاش.
كل ما تريد أن تفعله في هذه الحياة مرهون بخطى الله ومستقل عن كل منطق وعن كل علم. لذا لا تيأس من العتبات والعقبات فكل مستنجد ومستيأس أقول لهم أن سبل الله لا يدركها الإنسان.
القولة ظاهرة واختزال لنص أدبي رشيق مُعتق بالحيل البلاغية مختزل في حكمة كونية فهي تخص فئة معينة فقط هم من سيستطيعون الثبات فوق الصفائح التكتونية للقولة. قولة ظاهرية وطبقة جيولوجية باطنية مُعتقة بأحافير معاني الحياة والتى لن يفهمها من اعتاد النوم والركض فوق أراضي البساتين.
من سيفهم هذه القولة حق فهمها سيصيبه ما أصاب الشخص الذى تجرع كوب عسل شديد الحلاوة حرقة شديدة فى الابتلاع لكنها من شدة الحلاوة، وقطعا لن يستطيع تذوق أى شئ آخر وهل بعد أكل العسل يُستساغ أكل الخبز.