آفاق جديدة

جعلني قبح العالم مجتمِعاً أرى الجمال المختبئ فى ثناياه. تمر فترة على الإنسان يفقد الشغف في الحياة ويصبح اللون الرمادي مألوفا. تجتاحه نوبات من اللامبالاة والعزوف والزهد، نرى كل العقبات والحفر التى وقعنا فيها ونظن أننا سنبقى هناك للأبد، نرى وجهنا فى المرآة شاحبا وبلا ملامح، تصبح الابتسامات صعبة وغير مألوفة ويصل بنا الحال لاستنكار ذواتنا والنفور منها. تفوتنا كل الأشياء الجميلة نصب أعيننا، ونفقد القدرة على الحب…أنفسنا أولاً ثم الآخرين.

يزداد قبح العالم فى أعيننا ونكتشف الكثير والكثير حتى ننسى وجود الجمال. هنا تمر على الإنسان مواقف وأوقات تجعله يعيد التفكير فى كل ما عرفه قبلاً، يبدأ برؤية الأمور من جوانب لم يلحظها أبداً، يبدأ بالبحث عن السعادة من جديد -ربما بعد أن اقتنع بأنه مستحقٌ لها كالبقية-. تمتلئ روحه بنور أبيض لقربه من الله وإحساسه بالصلاة والدعاء من جديد، يرى القبح الذى أعمى عينيه من قبل ضئيلا مقارنة بكل النعم والإعجاز والجمال غير المحدود.

يسأل نفسه من جديد: هل استطعت فعلاً الرؤية من قبل؟

جعل الله التضاد في الأشياء واضحا أشد الوضوح من موت، وحياة، وحزن، وسعادة، وقبح وجمال. ربما ليعلمنا فهم جوهر الأشياء؛ كون الحياة زخرفا لوجود الموت، وإن نظرنا من ناحية أخرى وجدنا الموت جميلا لأنه بداية لحياة الخلود، قد يختلف من شخص لآخر أو هذا شيء أكيد.

“نحن نرى ما نريد!” لم أتيقن من هذه المقولة قبلاً وربما سمعت الكثير من الحكم وقرأت الكثير، لكن الإنسان بطبيعته يفهم بالتجربة ويتيقن بالدروس التي تغير الكثير من حياته. بعد فترة من عيون الناس الغريبة والمستنكرة وذهاب خوفي من صورتي التي أردت الجميع أن يعرفنى به، شعرت بالحرية. ما زلت لم أتغير كلياً، وربما أنا أبعد ما يكون عن الحرية لكن على الأقل بدأت الأغلال تنفك وبدأت أتنفس رويداً رويداً.

مقالات مرتبطة

لماذا يعيش الإنسان حياته بأكملها فى وكر هذا الفكر العقيم من السعي نحو مكانة أفضل فى أعين الناس والمجتمع وصورته لنفسه لم يفكر فى إصلاحها أبداً؟ عنما يكون الإنسان متحرر الفكر والروح لا يصله القلق بالماديات والتعلق بالأشخاص، هل يذوق طعماً آخر من السعادة؟ طعماً صعب المنال لكن مستحقٌ لقيمته.

مذ كنت صغيرة راودتنى كثير من أحلام اليقظة، لكن الشيء المشترك في جميعها هو أنني لم ألقِ وقتها بالاً للناس والمجتمع؛ فاستطعت أن أحلم، أن أحلق بعيداً في فضاء واسع لم تحده الإمكانيات، ولم تحبطه العيون، ولم تمسه الأصوات، عالم خاص بي جعلني أشعر بالسعادة. لقد كنت سعيدة بالرغم من أنّ من عرفني سيتذكرني وحيدة دائماً، لعل الوحدة في بعض الأوقات لا تكون سيئة على الإطلاق.

عندما ننظر للسماء ونرى النجوم أول ما يخطر بالبال ”ما كل هذا الجمال!” هل لأنها بعيدة لم يلوثها الناس بكل هذه الأفكار السيئة والمشاعر القبيحة ولم تصل إليها أيديهم فحطموها كما حطموا كل ما هو جميل؟

رجائي من الجميع -من الأطفال الصغار بريئة الأعين إلى العجوز المليء بالندبات إلى الفتيات والفتيان الحالمين وإلى الأمهات والآباء المضحين دائماً- أن يتوقفوا قليلاً وينظروا للسماء ويتمتعوا بالهواء المداعب لوجوههم، وينظروا لأعين أحبائهم ويتبسموا ويغلقوا أعينهم ويشعروا بالامتنان لكل هذا الجمال.

1xbet casino siteleri bahis siteleri