أرض إسرائل ملك لبني إسرائيل

1٬239

من القضايا المتنازع عليها منذ عشرات السنين القضية الفلسطينية الإسرائيلية، حيث يدخل فيها الصراع الديني والتاريخي والقومي.. ففئة ترى أن الحق لفلسطين، وأخرى تزعم أن إسرائيل هي صاحبة الأرض والحق، والكثير يضع خططا مصيرية لحل هذا النزاع في حل للدولتين، أو حل لصالح دولة بالكامل دون أخرى، فهل بنو إسرائيل هم أصحاب الأرض وإليهم يجب أن ترد الحقوق؟ أم أن القضية تدخل في جريمة ضد الإنسانية لما عاناه الشعب الفلسطيني جراء هذا النزاع؟

المسلمون جميعا على علم أن الله بعث موسى نبيا ورسولا في بني إسرائيل لأجل تخليصهم من ظلم وقع عليهم، أراد الله أن يمن على المستضعفين في الأرض ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين، أن يعلمهم أن لا معبود غيره، فيملأ حاجتهم الفطرية للخضوع إلى قوة تهديهم ويتوكلوا عليها فتحميم، فوجههم إلى اتباع الإله الواحد ليستقووا به وحده ويبث العزة في نفوسهم، فيكونوا عزيزين به لا بغيره لأن له العزة جميعا، فالرسائل السماوية كلها اجتمعت على ضرورة رفع الظلم وإزالة العبودية، وهذا ما سيكون. فلا سبيل لعمارة الأرض إلا بالعدل، وفي القرآن يرينا الله كيف أهلك أمما بسبب الظلم وكيف أن الظلم جرم عظيم. العدل قضية الإسلام الكبرى، وقصة موسى مع بني إسرائيل هي أكثر ما ذكر في القرآن، رسالته أن تحفظ للإنسان كرامته ويصان حقه في التفكير والتعبير ببحثه وعمله، أن يعيش حياة كريمة، أن يكون الجميع سواسية إلا في التقوى التي لا يطلع عليها سوى الله، أن نعمر الأرض وأن نكون خلفاء فيها بالحوار والجدال والتخطيط، بالفكر والرقي والأخلاق والاحترام.

في التاريخ الإسلامي، انتقلت الدعوة من دعوة الأفراد إلى دعوة الإمبراطوريات لنشر الرسالة، لأن الهدف تخليص العالمين من العبودية والخضوع وتعليمهم أن الجميع سواسية، فلا صاحب سمو ولا صاحب دنو في شريعة الله، فوجب الدفاع عن هذه الرسالة بالشدة على من حاربوها؛ كون العدل مخيف للطواغيت وجنودهم والمنتفعين من استبدادهم.

انتشرت رسالة الإسلام في معظم البقاع دون أن تؤذي نباتا أو حيوانا أو شيخا أو طفلا أو امرأة أو مسالما.. وشهد العديد أن أفواجا دخلوا الإسلام في بلدانهم إعجابا بتعامل المسلمين معهم، حيث لم يفرضوا عليهم لغتهم أو دينهم وهم أهل القوة، وإنما وضعت جزية تضاهي نظام الزكاة حتى يكون الجميع سواسية في المجتمع.

أمام هذا كله، كيف لمن يزعمون اتباع رسالة موسى أن يقتلوا أبرياء وأطفالا وشيوخا ويخرجوهم من ديارهم بدعوى أن الأرض أرضهم؟ لو أنهم أرادوا دخول فلسطين والعيش بها هل كان أحد ليطردهم؟ هل طردوا من العيش بين المسلمين في الماضي؟ هل سلبهم المسلمون حقوقهم في الدولة العثمانية مثلا والأندلس؟ هذا الكيان الذي يسمي نفسه إسرائيل حتى تكون له شرعية لبقائه، -ومنذ متى كان اختيار الأسماء دليل ملكية وشرعية، وهل إذا سمي شخص نفسه مكي تصير مكة ملكا له؟-، ينشر صورا تاريخية للتسامح والتعايش قبل عشرات السنين بين يهود ومسلمين في العديد من الدول العربية، ولا يعلم أن هذه الحجة ليست له وإنما عليه.. فالمسلمون لم يطردوهم ويخرجوهم من ديارهم مثلما هم فعلوا، ولم يقتلوهم مثلما هم قتلوا…وهناك من اليهود من لا يرضون هذا الكيان ويتبرؤون من جرائمه ويدافعون عن عدالة قضية فلسطين.

إن هذا الكيان اليوم ينسب نفسه لبني إسرائيل وللسامية، والحقيقة أنهم لا يطبقون ما أمرهم موسى عليه السلام إذا هم من أتباعه، ولا هم يحترمون السامية التي تضم كل أبناء سام بن نوح عليه السلام. إنهم يقتلون أبناء السامية باسمها. فما هذا التناقض في مشروعهم الغاصب؟ إسرائيل اليوم تتحالف مع الطغاة، وتصنع طغاة لبناء كيانها وما هذا علّم موسى بني إسرائيل. كيف لأشخاص أن يقبلوا العيش في هذا الكيان، أو تحت يد أي طاغية في العالم فقط لأنه يأكل ويشرب ويعيش في أمان كالحيوان في الحظيرة دون كرامة ولا رأي ولا قرار فيما يحدث له؟

لن يغلق ملف القضية الفلسطينية حتى يتحقق العدل وتعود الحقوق لأصحابها، ويخرجوهم من حيث أخرجوهم. ولن يكون سلام مع هذا الكيان المجرم حتى تعود الأرض لأهلها ويطلبوا العفو مِمَّن أرهبوا وقتلوا وشردوا إن هؤلاء قبلوا، أما الخضوع والذلة والضعف باسم السلام كلها لا تمثل الشعوب المؤمنة بعدالة القضية. سيتحقق العدل على أرض فلسطين، وسيتحقق العدل عند باقي شعوب الأرض، وسيمن الله على الذين استضعفوا في الأرض وسيجعلهم أئمة وسيجعلهم الوارثين، فسنته أن الأرض يرثها عباده الصالحون، وكل ظلم في أي بقعة من بقاع الأرض إلى زوال.

1xbet casino siteleri bahis siteleri