الشباب وآفة مواقع التواصل الاجتماعي

إن شبح مواقع التواصل الاجتماعي أصبح ذا وجوه عِدة ولا يقِف على وجه واحد، وأصبح سارقا محترفا لحياة الشبابِ، يمُر العمرُ أمامهم وهم لا يزالون متقوقعين في بُقعة ضيقة يُطلق عليها “الهاتف المحمول” أو “الهاتف الذكي” كما يزعمون، غير أن الواقع يبينُ أنه لم يعُد محمولا بل حاملا لحياة الشباب وسارقا لعقولهم، رغم ضيق مساحته وسَعتِه، إلا أنه استطاع بذكائه الافتراضي أن يأخذنا إلى مجاهل عالمٍ بعيدٍ عن عالمنا الواقعي.
فقد أصبحنا بعيدين عن الأهل والأحباب، لأننا اكتفينا بزيارتهم عبر المواقع لبضع ساعات، ناسين فضل صلةِ الرحم في السنة النبوية، تلك الصلة التي تتقارب فيها الأجساد والمشاعر، وننعم فيها بمديدِ الراحة النفسية، فالتقاء الأيادي بالسلام ليس كإلقاء التحية عبر كلمة مكتوبة أو كلمة مسموعة فقط، والرؤية بالعينِ ليست كالرؤية من خلف شاشة تنتهي صلاحيتها بمجرد انتهاء شحن الهاتف، وتبادل الكلام في الواقع يعبِّر عن نوعية المشاعر المخبوءة خلف هذا الكلام أكثر من تبادله عبر الرسائل الإلكترونية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
يقول المتنبي: “وخيرُ جليس في الزمان كتابُ”، فأين نحن من هذا في حضرة الجوال، وقد اكتسح مكان المكتبات، وقطع الحبل السُّري الذي كان يربط بيننا وبين الورق والقلم والكتاب الذي هو خير صاحبٍ؟ فمزايا الكُتب وهي بين يديك تفوق أضعافا مزاياها وهي محبوسة داخل آلة إلكترونية تنتهي صلاحيتها بمحرد انتهاء شحنها كما قلنا، وقد تنتهي حياتها بكسرٍ يصيبها فينتهي كل شيء كانت تحمله، أما وجود كتاب في مكتبة غرفتكَ سيحيا ما دُمتَ عليه محافظا بين كتبِك، ولا ننسى أنه أصل المعلومة قبل دخولها إلى المجلات الإلكترونية أو المكتبات الإلكترونية، فهو الأصل والفرع الذي يمكن الاعتماد عليه والعودة إليه.
ولأن مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فعلينا أن نستعمله على حسب ما تتطلبه الظروف الساحقة، ولا نمنحه عُمرنا كاملا، فعلينا أن نعود إلى عالمنا الواقعي، ونستثمر أعمارنا فيما ينفعنا، ونهرب من شبح هذه المواقع التي استعمرت عقولنا دون أن ننتبه، وأخذتنا من شعورنا وإرادتنا، فأصبحت تتحكم بنا كما شاءت ومتى شاءت، فعلى السيطرةِ أن تكون بيدنا لا بيدها. وفي رأيي، أرى أنه علينا أن نستخدمها بحذر دون إفراط ولا تفريط، وبشكل معقول وواعٍ يَحُد من آفتها في حياتنا كشباب واعدٍ، والكلام يطول.
1xbet casino siteleri bahis siteleri