كيف أستغل لحظاتي؟

الحياة ما هي إلا لحظات؛ الحياة هو المصطلح الذي له معان عدة ولكن ليس من بينهم واحد فقط يستطيع وصفها بالتحديد، فلكل منا فلسفته وتجاربه الخاصة التي تجعله يخترع للحياة معنى إضافيا. فماذا إن قلت – حسب فلسفتي- أن الحياة مجموعة من اللحظات العابرة المليئة بالحكم والعبر الإلهية التي تتراكم حلقاتها لتكون لنا مسلسل الحياة في آخر المطاف، لحظات مع سرعة عبورها إلا أن لها قوة خارقة في التأثير على شخصياتنا، وقراراتنا وردود أفعالنا، لحظات تساعدنا على اكتساب خبرة اجتماعية وفكرة مسبقة على كيفية التعامل مع التجارب القادمة أو تأخذ منا أجمل القيم والمبادئ التي كانت تميزنا، وهذه النتائج تجعل لهذه اللحظات اسم نقط التحول (Turning points) التي تغير الإنسان تدريجيا.

اللحظات تغير الكثير، كلنا كنا زهورا بريئة نعرف الابتسامة والمرح والجانب المشرق فقط، إلا أن عند مشاهدة صورنا مع أطفالنا بعد عشرات السنوات نكون في صفة باحثين عن نفس البراءة وروح الطفولة في أركان تلك الصور، ولكن تنتهي محاولاتنا بالفشل وندرك حينها أننا تغيرنا حقا، ولم يعد أي شيء كما كان بعد مجموعة من اللحظات التي عصفت بنا منها: لحظة سعادة تحمل الحياة في طياتها ونجهل خلالها ما يحيط بنا، لحظة حزن يصبح فيها الفشل واللون الأسود عنواننا، لحظة غضب تنكسر فيها الروابط، لحظة خذلان تخيب فيها آمالنا، لحظه حب وجدت لتنبض فيها قلوبنا، لحظة خيانة يخلف فيها بالوعود ولحظة احتضار وموت يرتفع فيها جزء من روحنا مع الفقيد وغيرها. لماذا ليس اللحظة؟ لكن ما يؤثر علينا ويجعل منا أناسا آخرين فيما بعد ليس اللحظات التي نعيشها؛ فهي تمثل الجزء الصغير فقط، أما الجزء الأكبر يكون للمسار الذي نختاره خلال اجتيازنا للتجربة؛ فحينها يتواجد أمامنا مساران: الخاطئ والصحيح، وحسب طبيعتنا الفطرية فلكل فرد جزء واع في داخله ولو كان صغيرا يعرف الصواب والعكس، ويعرف إذا كانت نتائجه مضرة أو نافعة؛ فإن كان الشخص متهورا سيتجاهل وعيه ذاك وينسى أن الحياة فانية فيسلك الطريق الخاطئ، فيؤدي به قراره إلى نهاية يخسر فيها نفسه غالبا، أما إذا أدرك الشخص وضعه وأنصت لذلك الصوت الخافت الواعي سيسلك مسارا صحيحا يجعله يتعلق بخالقه، ويؤمن أن الله لا يخذل عبدا، وهذا الاختيار سيجعله ساكنا رغم العواصف، مما ينتج عنه حياة مطمئنة فيما بعد، وانتقاء أحد الاختيارين متعلق بكيفية قراءة الإنسان لحكمة الله المرسلة خلال اللحظة المعنية.

أحسن الاختيار إذن تكوين شخصياتنا سواء بشكل إيجابي أو سلبي؛ فهو يعتمد على العديد من الأشياء المرتبطة في ما بينها وهي في الحقيقة تمثل اختياراتنا؛ حيث تقرر هل عند سقوطك ستنهض بقوة وشجاعة أم ستسقط سقوطا عميقا يكون من الصعب بعده الرجوع إلى السطح؟ وهذه الأشياء هي: اللحظة تتجلى في وقت قصير إما يأخذ منا أجمل ما فينا أو يعطينا خبرة اجتماعية تساعدنا على تخطي ما هو قادم، وهذا يمثل قدرا ونصيبا كتبه الله لنا. المسارات المتمثلة في مسار صحيح ومسار خاطئ وانتقاء أحدهما هو الذي يتحكم في شخصياتنا، وهو مرتبط بمدى وعينا وإيماننا وهو عبارة عن اختيار. فلنحسن اختيار المسار عند وقوعنا في أي لحظة، فهو لا يعتبر اختيارا بسيطا فقط بل يحدد نوع شخصياتنا المكتسبة مستقبلا وقوتنا التي ستساعدنا على مواجهة صعوبات الحياة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri