الجامعة المغربية بين الوهم والحقيقة

أحيانا ترغمنا الحياة على الوقوف وسط طابور مزدحم لننتظر بقلب هادئ، كطفل صغير فقد الرغبة في شراء الحلوى، أو أن تنسحب كشيخ أضاع هواية السباحة بعدما كان في شبابه الأروع.

هنا حيث يتسابق الناس ويتدافعون أقف أنا بهيئة جامدة، أستمتع بلحظات الشروق بعد أن سمعت صفارة الانطلاق ولحظت أغلب الرجال يهرولون حاملين حقائب أسرهم، أحاول إكمال قهوتي باستمتاع بالرغم من استغراب المارة مني. نزلت الدرج بكل هدوء، لم ترعبني السرعة، دخلت أول باب مفتوح أمامي ثم رحلت… رحلت بدون وجهة، لم أسأل ما المحطة القادمة ولا إلى أين سأخطف.

في الداخل حيث الكل يجلس أو ربما يبحث عن كرسي لا يحضن أحدا، بقيت واقفة بنفس هيئتي الجامدة، سمعت صدفة أحدهم يقول إن هذا القطار يخرج من الطفولة منتقلا إلى الشباب، للحظة أدركت أنني اقترفت مصيبة في حق نفسي بعدم سؤالي إلى أين التوجه، فلو سألت لأصلحت قبل أن تقلى على عاتقي مسؤوليات أجهلها.

لم أكن أبالي بما أراه في طريقي ولمن قرر التوقف قبل الوصول، لم أنتبه لشدة الظلام أو شدة النور، لأن ما كان يبقيني هناك هو اللحاق بي؛ اللحاق بنسختي التي طال انتظارها، اللحاق بشيء مجهول لا أعرفه؛ أو ربما شغفي الذي لا ينتهي… رحلة أقل ما يقال عنها أنها باردة؛ تساءلت فيها عن مدى سعادة فلان في رحلته، تساءلت عن نظرة المارة إلي، تساءلت عن حياتي القادمة، تساءلت بفضول عن كل شيء والحقيقة أني لم أتساءل حول شيء. فقد كان من الأجدر أن أتساءل بخصوص العالم الذي سألقى فيه بعد لحظات معدودة.

هكذا كانت رحلتي من حضن منزلي إلى أول يوم في الكلية؛ خيل لي أني سألقى في حضن شبح أو ربما في جب بئر بعدما فقدت الوصال لمكان ظننته لي، لكن وبالحق تم الإلقاء بي في آلة لصقل شخصية مرموقة عقليا وفكريا. ولعل الفضل لدكتور يدعى “عبد العزيز بادس”، ساعتين من الزمن قضيتها وكلي آذان صاغية لما يقول في أحد مقاطعه كانت كفيلة أن تحملني من غيهبان أفكار أنتجها مجتمع جاهل إلى نور مشع لا أقوى على وصفه.

لم أظن يوما أن ذلك المكان أفضل مما يصفه البعض، فأول شيء يربى فيك بعدما تحط رحالك على أراضيها هو التفكير والتحليل النقدي لكل الأفكار المروجة وكيف تكون مع الأقلية بضمير مرتاح. كما لا ننسى الانضباط ذلك العملة الصعبة التي لا يملكها الكل؛ فكونك في مكان يسهل على نفسك الانصياع إلى جهة الراحة والتهاون ثم تحكم زمام الأمور بيدك ليس شيئا هينا أبدا، ولعل من أكثر الأشياء ترهيبا هو بذاءة مستوى الأستاذة وكونهم الأسوء على الإطلاق وانعدام الطرق لبلوغ الأعالي، حتى تصدم بعد ذلك بتكوين راقٍ مثل القنطرة للعديد من الناس حتى يحققوا ما لا مثيل له.

خلاصة الأمر؛ أن في مجتمعنا العديد من الأفكار المتناثرة عبثا، لا تستحق السكن بين أزقة دماغك. فعل سيدي تقنية الغربلة لتعش بسلام.

1xbet casino siteleri bahis siteleri