كنت طيلة هذه التسعة أشهر أخطط لوحدي وأفكر في الأسئلة التالية: كيف سأصبح أما ناجحة؟ كيف سأبني شخصية ابني؟ وكيف سأتصرف إذا واجهتني مشكلة في تربيته؟ ومجموعة من الإشكالات الأخرى التي تسكن عقلي يوميا. فجلست مع نفسي وبدأت أخط في مذكرتي بعض الأفكار كأن تكوين شخصية طفل عقله صفحة بيضاء يقتضي استحضار الجانب الديني والتربوي والنفسي ثم التعليمي. وأنني في هذه الرحلة الشيقة سأستعين بكتب في التربية للاستفادة من الكتاب وتجاربهم في التعامل مع أسئلة الأطفال التي كثيرا ما تتعلق بالله ومكانه. لهذا، على كل أم تنتظر استقبال طفلها أن لا تستغني عن هذه المجالات الضرورية بتعبئة عقلها قبل الخوض في التجربة.
لا يخفى عن الجميع أن تربية الأطفال مسؤولية كبيرة يحاسب عليها المرء أمام الله عز وجل. فعلى الوالدين أن يكونوا مهتمين كثيرا لأمور أبنائهم حتى وإن بدا الأمر سهلا في بعض الأحيان إلا أنه على عكس ذلك تماما. فالإنسان دائما ما يتمنى النجاح في كثير من المجالات، وهذا المجال يستلزم القدرة على الاستمرارية في نفس المسار وشحن طاقة الأم بالمعارف قبل ولادة الطفل أيضا. حيث يقول سيمور: “إن تربية الطفل يجب أن تبدأ قبل ولادته بعشرين عاما، وذلك بتربية أمه.” واعلم أن التعامل مع الطفل لا يقتصر على توفير الاحتياجات المادية وحدها، وإنما يجب على الأم تلبية الاحتياجات العاطفية لمولودها: كالحنان والاهتمام خاصة عندما يصل الطفل إلى مرحلة يميز فيها مكانة الأم عن الآخرين، لذلك وجب علي كشخص يمارس مهمة الأمومة من خلال توفير الدفء في التعامل والتصرفات، وليس بالاعتماد على الكلمات فقط. فالطفل يفهم لغة التعابير التي تتمثل في تمضية وقت ممتع بممارسة أنشطة معينة كطريقة سرد الحكايات وغيرها أكثر من لغة الكلام التي لا تؤدي دورا كبيرا لأن الكثير من الأبناء يتذكرون اللحظات أكثر.
وأختم كلامي بأن النجاح في تربية الطفل لا يكون مثاليا؛ لأن من سمات الإنسان النسيان والنقص، لذلك، يكون النجاح في أشياء ويكون الفشل في أشياء أخرى. وربما تصبح التجربة الأولى درسا للتجارب القادمة، لكن، رغم ذلك لا يستطيع البشر بلوغ تلك المكانة التي يتمنى أن يراها في أبنائه، لكن المهم من هذا كله أن يعمل كل من الأب والأم على تحقيق الحقوق والواجبات الدينية الأساسية ثم الاحتياجات الدنيوية الضرورية، وبهذا يكون قد أدى واجبه كاملا.