حق الآباء على الأبناء بِرُّهُما

تشمل طاعة الوالدين الأقوال والأفعال؛ فهي تستدعي الرحمة والاحترام وتقديم المودة والراحة والرعاية لهم، خاصة عند تقدم عمرهما. وفي غياب أي صفة من الصفات المذكورة التي تؤكد على الحب والإخلاص فلا تسمى آنذاك طاعة بل عقوقا للوالدين. وقد حذرنا منها الإسلام لما لها من عواقب في حياة الأبناء. بالتالي علينا أن نعلم أن لطاعة الوالدين فضل كبير في الدنيا والآخرة.

هذه العبارات والجمل نسمعها بشكل مستمر في أحاديثنا اليومية مع أقاربنا وأصدقائنا: “إنني أحب والدي كثيرا ولا أستطيع العيش بدونهما”، “لقد بذلوا جهدا كبيرا من أجل سعادتي وسهروا كثيرا لتكوين شخصيتي.” فهل نطبق هذه المسائل الضرورية في حياتنا؟

تعتبر طاعة الوالدين من المسائل الضرورية التي حثنا عليها الله تعالى في القرآن الكريم وهي واجب علينا، وحق من حقوق آبائنا وأمهاتنا. ويعلم كل شخص مسلم أن واجبه تجاه والديه يتجلى في المعاملة الحسنة والراحة التامة بعد معاناتهما في التربية. وقد قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّل مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء: 23-24] ومن خلالها يثبت لنا أنه ينبغي أن يتوفر الإحسان في معاملة الوالدين وعدم البوح بكلمات سيئة تجرح المشاعر، حتى لو كانت بسيطة مثل “أف” فهي تدل على العقوق.

لذا، يتبين من الآية الكريمة أن طاعة الوالدين لها فضل وقيمة عند الله عز وجل، وما علينا سوى تطبيقها والسعي إلى نيل رضاهما. ومن آداب الابن البار بوالديه الدعاء لهما بالخير، والصلاح، والمغفرة، والتصدق باسمهما ويساهم ذلك في زيادة أجرهم عند الله بسبب أعمالك الحسنة. كما ينبغي أن تعاملهم برفاهية وتساعدهم على تخطي هموم الحياة ولو بكلمات بسيطة تثلج القلب وتجدد التفكير، وقضاء حاجاتهما عندما يستدعي الأمر ذلك، حتى وإن لم يطلبوا المساعدة. كما يجب أن نتشاور معهما في بعض الأمور الشخصية لبلوغ رضاهما.

للوالدين أثر كبير في نجاحنا أو سقوطنا من خلال تصرفاتنا نحن الأبناء. لكن، في عصرنا أصبح هذا الحق منسيا نوعا ما، ولا بأس بالقراءة عنه والتذكير به لكي لا ينسى المرء حقوق والديه عليه. لأننا بتنا نرى الكثير من المعاملات القاسية التي تتمثل في طرد الوالدين وتشريدهم وإرسالهم إلى دار العجزة بحجة النفقة، أو تعنيفهم ومعاملتهم بالسوء والأقوال الخبيثة التي لا تمثل المسلم بتاتا. كما انتشر التكدر بالكرم عليهما فصار الشخص إذا أكرم على والدته أو والده يشتكي ويحزن ويضجر، وكأنه خسر ماله في أمر لا يستحق وهذا تصرف ينبغي الوعي به وعدم تكراره.

إن التعامل الجيد مع الوالدين ينجيك من المصائب والبلاء. وله فضائل كثيرة وهي: أنه من أحب الأعمال إلى الله وسبب من أسباب دخول الجنة وزيادة الرزق وتقبل الأعمال وتجاوز السيئات لقول الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف: 15-16] كما أنه سبب لرضا الله عنك وصلاح ذريتك، وكما يقال يعتبر سلفا بحيث كما عاملت والديك تجد نفس


التعامل من طرف أبنائك.

إن وجود الوالدين نعمة كبيرة لا يعلمها إلا من فقدهما، وأن تنال رضاهما فهي أكبر النعم التي أنعم عليك الله بها. لذا، حافظ عليها بتجنب كل من التأفف ورفع الصوت في وجوههما وعدم الاعتداء عليهما وعدم الإعراض عن خدمتهما. واحرص على إسعادهما، وإدخال السرور والفرح والسعادة على قلوبهما، واغمر حياتهما بالمحبة والألفة تسعد في الدنيا والآخرة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri