وداعا ألفين وعشرين!

اعتدنا على توديع السنة المنصرمة مع كل ما تحمله من أفراح وأحزان، من نجاحات وتعثرات، لاستقبال سنة جديدة فيها نأمل تصحيح الأخطاء وسد الهفوات، رفع التحديات وتحقيق الأهداف. لكن، هل ما زال التخطيط متاحا بعد انقضاء سنة “العشرين عشرين”؟ هل من أمل في نسيان مآسيها وأوجاعها؟ هل من السهل ترميم ما هدمه الفيروس من صحة جسدية ونفسية، من تطور اقتصادي واجتماعي، من أحلام وطموحات؟

إن التخطيط تمرين مهم في مختلف مراحل الحياة؛ باعتباره وسيلة تتيح العيش وفق نظام معين تظهر فيه الأهداف في أعلى السلم، سلم يتسلقه الإنسان بتأن مطلوب، بعزيمة قوية وقدرة على تحمل الصعاب لا مفر منها. لطالما آمنت أنه كما بين الواقع والخيال فرق شاسع، فبين المبتغى والمنال اختلاف وارد، الحياة شاءت أن تكثر من تحدياتها والمرء أبى أن يستسلم لعقباتها، قد يرى في الامتحان فرصة للتألق وقد يجد في المتاعب معبرا للأمان، غير أن ما شهده العالم الحالي من توتر دام لأشهر عدة، أفقد الإنسان لذة التحدي فوجد نفسه ملزما على المكوث بين الجدران حماية له ولذويه بنفسية هزيلة، بأفكار محدودة وبمهارات مسجونة كأن ساعة الزمن توقفت لتعلن عن النهاية.

لا شك أنه لم يستسلم، تحلى بالصبر ووجد مفرا مريحا نسبيا باكتساب عادات جديدة تنسيه هول الحجر الصحي وتعينه على خلق نوع من التوازن النفسي. حقيقي أن عالم اليوم سماؤه غيوم تمطر المصاعب وأرضه أحجار تعيق التقدم بأمان وأجواؤه مليئة بالشكوك. غير أن التأقلم مع الوضع صار ضرورة ملحة لضمان الاستمرارية.

مقالات مرتبطة

وبالعودة لرسم خطى المستقبل، سيلزمنا بصبر وتفاؤل تحديد الأهداف والوسائل المتاحة في آن واحد ولا بأس أن تكون القائمة قصيرة هذه المرة أو مقسمة بين أولويات وثانويات. أما عن الأوجاع، فكثيرة هي الأيام التي خلت تاركة وراءها قلوبا حزينة على فراق أحبابها، أسرا عانت من أزمة مادية خانقة وشبابا في أوج العطاء قيدت طموحاتهم بأوضاع الاقتصاد المتدنية.

إن نسيان سنة “العشرين عشرين” لن يكون بالأمر الهين، ستترك أثرا عميقا في تاريخ الإنسانية جمعاء ولعل أحداثها حافزا لتغيير إيجابي جذري على مستويات عدة.

دعونا نأمل أن تعود الحياة قريبا لمجراها، دعونا نتفاءل بغد أفضل، يجتمع فيه الأقارب في لحظات يستشعرون قيمتها العظمى، تؤدى فيه المسؤوليات على أكمل وجه وتغمر فيه القلوب بالمحبة والود والصفاء. قطار الحياة لم يتوقف بعد، مر ركابه بمحطات كثيرة لبعضها سكك غير مستوية. الركاب نحن، لا ريب أن كلا منا تخطى سابقا نوعا من الصعوبات في سبيل بلوغ مراده. فلا مجال للاستسلام الآن، لنستجمع قوانا ونقول وداعا ألفين وعشرين، أهلا ألفين وواحد وعشرين.

1xbet casino siteleri bahis siteleri