صراع الأمل والضياع

يطول الحديث اليوم في الإذاعات التلفزية وفي الجرائد والمواقع الإلكترونية، وفي العديد من المنصات الوطنية والدولية عن إضراب السادة الأساتذة واحتجاجاتهم والمطالب التي ينددون بها، وكذلك الحكومة التي كانت ولا زالت تدعو النقابات إلى طاولة الحوار، حوار في آونة لم تعد تتحمل الحوارات أو النقاشات بقدر ما هي في حاجة ملحة إلى قرارت حاسمة ومقنعة وفعالة… وهذا غيض من فيض.

الموضوع تجتاحه الكثير من النقاشات والغموض، مطالب استمرت لسنوات طويلة حول نظام التعاقد والزيادة في الأجور، إلا أننا اليوم أمام النقطة التي أفاضت الكأس؛ ألا وهي النظام الأساسي الذي لا يخدم الأستاذ ولا يتوافق مع متطلباته ولا يسد احتياجاته، وبين حكومة تدعي بأن النظام ما هو إلا طريق من أجل التغيير ورسم منهج يتوافق وتطلعات المستقبل، وبأن النقاط التي تم إدراجها ليس بالضرورة أن تطبق بحذافيرها بقدر ما هي إضافات لسد بعض الفراغات.

واضح جدا أن الحكومة اعتمدت سياسة الترقيع؛ لأن التبريرات التي بدأت تخرج بها كفيلة للإجابة عن بعض التساؤلات. من بين المواد المثيرة للجدل هي المهام الجديدة المسندة للمدير، وهنا كان جواب الوزير المعني على إثر إحدى الإذاعات بأن الأمر فقط كتابة، وليس بالضرورة أن يقوم بما أسند إليه وأن يراقب ويقيم الأستاذ أثناء مزاولته لعمله. والعديد من النقاط التي أجابت عنها الوزارة المعنية بأسلوب وبطريقة لا تتماشى مع هذه الوضعية الراهنة.

إلا أن السؤال الجوهري اليوم والمنطقي والذي لم يأخذ نفس الصيت هو مصلحة التلاميذ في هذا السيناريو الطويل، تلاميذ من كل الفئات العمرية والمستويات الدراسية يعيشون في دوامة الذهاب والإياب إلى المؤسسات بدون تفسير أو تبرير أو شرح يتماشى مع سنهم ووضعهم الاجتماعي والثقافي، تحت طائلة التعويض المباشر وتمديد السنة الدراسية لتدارك ما فات. هذا التدارك الذي يخدم مصلحة طرف على حساب الآخر. لأن الحوار القائم اليوم يدور حول عنصرين الأستاذ والحكومة وإهمال قوي للتلميذ ورغبته وتقبله للوضع الراهن والحلول المقترحة، لأن التمديد وإن كان حلا وحيدا تفاديا لسنة بيضاء إلا أنه حل تعجيزي يصعب العمل به لمواكبة الامتحانات الجهوية والوطنية وتمكين الطلبة الممتحنين وطنيا بالالتحاق بالمدارس العليا ومسايرة الامتحانات الدولية لجامعات أخرى.

تفاصيل وحيثيات قد تغير من مسار التلاميذ وتؤثر سلبا على مستقبلهم ومخططاتهم، ولا نرى اليوم أي حديث أو ترتيب في هذا السياق لأن التلميذ هو الطرف الضعيف في حلقة الجميع يخدم لمصلحته.

مشهد يتكرر هو الآخر أمام أعيننا، آباء وأمهات خرجوا للشارع بشعارات ومطالب متفرقة هدفهم الأسمى هو عودة أبنائهم إلى طاولات المؤسسات واستكمال مشوارهم الدراسي، الأمر الذي استنكره بعض الأساتذة تحت طائلة أن ما يقع اليوم هو ضرورة ملحة لردع الحكومة ووضعها أمام التهديد، إلغاء النظام يقابله العودة إلى الأقسام.

الغريب أيضا في ظل الإضراب الذي يعيشه المغرب لأكثر من شهرين هو سلوكات الأطفال التي يحمل فيها الأستاذ لأولياء الأمور الحق بالكامل، لكن لا أحد ينكر دور المدرسة في التربية والتعلم. الأمر فعلا مرعب ومخيف سواء ما يقع على المواقع الإلكترونية وكذلك في الشارع، لدرجة أن المسيرات التي تنظم من طرف الأساتذة بدأت تعرف حالة السرقة من طرف أطفال مكانهم الأصلي في هذه الظرفية الزمنية هي المدرسة.

الكل أجمع أن قطاع التعليم شأنه شأن قطاع الصحة، يشكلان العمود الأساسي لمجتمع سليم، لكننا اليوم نعيش خللا كبيرا قد يؤدي بمنظومة بأكملها إلى طريق لا تحمد عقباه.

1xbet casino siteleri bahis siteleri