النسوية حركة مظلومة أم ظالمة؟
النسوية التي تحارب من أجل حقوق النساء في زمن كان لا يسمع فيه صوت المرأة، وكانت لا تمتلك حق التعبير وتتعرض للقمع والعنف الجسدي والنفسي، رغم أنه مخالف للإسلام، فقد أولى ديننا احتراما وتقديرا كبيرا لها، غير أن المجتمع حرف قواعده.
من هنا بدأت المسيرة حتى تضمن حق المرأة في التمدرس والعيش، لكن انحرف مغزى بعض المتظاهرين لهذه الحركة، فانتقلوا من دفاع عن الحقوق الأساسية للأنثى إلى موجة مليئة بالأنانية والكراهية تجاه الرجل، لتصبح من منظوري من حركة تدافع عن المظلوم إلى حركة ظالمة للرجل، مستبدة لحقوقه.
ففي سبيل تحقيق أهداف النضال النسوي النبيل، يجب أن يتفادى قدر الإمكان الافتراء الذي كابدته القوارير؛ الرجل ليس دائما الجاني، قد يكون هو أيضا ضحية للعنف، بيد أن هذا النضال لن يتولى قضيته، فقط لكونه ذكرا، متغافلا عن فكرة أن المرأة بإمكانها أن تكون طاغية. فهذا لا يعد عدلا، ولا يتناسب مع معايير الديمقراطية.
لقد كان ميلاد هذا التيار الفكري السياسي المناصر لقضايا المرأة، المطالب لتحسين وضعيتها نتيجة خضوعها لطرف أو لبيئة سامة تفرض سلطتها وسيطرتها عليها، من أجل تعديل المدونة، مع إلقاء الضوء على مسألة التهميش والتمييز اللذان تتعرض لهما النساء في حياتهم اليومية، إضافة إلى تغيير الصورة النمطية المحبكة عنهم. فكيف للمعتدى عليه أن يسقي نفس مرارة الكأس لمن كان يوما معتديا، أو لم يذق قساوته؟!
إن أمنا حواء خلقت من ضلع آدم، لا من رأسه أو من تحت قدميه، حتى يساند بعضهما البعض. يعتبر الرجل مكونا أساسيا في مجتمعنا، فهو الأب، الأخ، الزوج، الصديق… فلا يمكن للأنثى العيش بدون الذكر، ولا يمكن للذكر أن يعيش بدون الأنثى، فهما مترابطان، كما أن فطرة الرجل أن يحمي المرأة، وفطرتنا هي احتواؤه، فهو يوفر لنا الأمان الخارجي، وتمنح له الأنثى الأمان الداخلي.
لهذا، من يدعون أن الفتاة جنس أسمى وأرقى من نسل أبينا آدم الحامل لتفاحته، هم فقط يجسدون طابورا خامسا في أمتنا، من خلال إذاعة الضغينة ونشر الحقد والتمييز بين الطرفين. فترويجهم لمثل هاته الأفكار المشبعة بالعنصرية لن يفيد بلدنا إلا تفرقة، ولن يحرز تقدما إلى الأمام كما يدعون.
فتجلي قوة المرأة في أنوثتها، وعظمة الذكر في رجولته. إذن لا داعي للرسائل العدائية لكلا الفئتين، لأنه لا يمكن استبدال مهام كليهما مهما كانت الظروف. زد على ذلك أنه لا يعلى على الخلق إلا الخالق، فوراء حياتنا تتجلى أدوار وحكم، بل إن الذكر والأنثى يحافظان على السلالة البشرية من الاندثار. فحكمة الله عز وجل أن جعل من وجود جنسين، ليس فقط في النسل الإنساني، بل في جميع الكائنات الحية من نباتات، حيوانات، حتى الديدان الطفيلية… مغزى وفحوى للدار الفانية.
خلاصة القول لا يوجد ذكر بدون أنثى، ولا أنثى بدون ذكر.