القدوة بين الطلب والمطلوب

2٬450
في كل محطات حياتنا، قد نتخذ أناسا قدوة لنا، نستلهم منهم العزم والهمة للمضي قدما بمشروع من مشاريع حياتنا المختلفة، ونتروى منهم الأمل على تحقيق ما تمكنوا من الوصول إليه علما كان أو منصبا أو خلقا أو طموحا. شخص أو أشخاص عقدنا عليهم آمالا كثيرة تتناسب وأحلامنا وأهدافنا ومساعينا نحو الارتقاء بما نحن بصدده من فكر أو عمل أو منظومة قيم، هي حاجة فطرية لوجود من يمدنا بطاقة إيجابية ناجحة بتفاصيل حياتها من أعمال وأخلاق.
مع حتمية وجود شخص القدوة بحياتنا، يتوجب الانتباه لمجموعة من النقط التي تجنبنا خيبة الأمل و فقدان الثقة، لذلك حين تتخذ من شخص ما قدوة بحياتك حاول استيعاب هذه الامور الهامة:
أولها؛ وأهمها أن التعامل والتعاطي مع الشخص القدوة كإنسان كامل ومثالي تنخفض لديه معدلات الخطأ، هو أمر مستحيل ولا معقول. فلا أحد معصوم من الوقوع في الخطأ مهما ارتفع مقداره وتنوعت وتعددت محاسنه وفضائله. ونستثني في ذلك قدوتنا وقائدنا وملهمنا رسولنا الكريم ذو الأسوة الحسنة والتميز والشخصية الربانية المختارة.
ثانيا؛ أن الشخص المختار لم يختر ليكون قدوة لك ولم يتخذ من نفسه ويجعلها تحت مسؤولية القدوة. فلا يوجد من قرر يوما أن يصبح قدوة لغيره أو أعلن عن نفسه ومنحها حق التميز عن الآخرين باسم القدوة.
مقالات مرتبطة

لذلك، وهنا ننتقل إلى النقطة الثالثة، أن تتخذ من أحد ما قدوة لك يجعل منك المسؤول الوحيد والأوحد عن هذا الاختيار، وبالتالي، يكون حكمك عليه بالمثالية والكمال والحكمة المطلقة يخصك وحدك، وتتحمل فيه لوحدك تبعات طبيعة اختيارك؛ فتجنب التقديس وإضفاء هالة العصمة على الشخص القدوة، واستلهم منه ما يعود عليك فقط بالإيجابية والنجاح في حياتك الشخصية والعملية.
رابعا؛ لا تعلق آمالك على الشخص القدوة مهما كانت درجة قربك له أو تأثيره عليك. فما أثار إعجابك به ونال من حاجتك للاقتداء بما حققه من نجاح مهما اختلف نوعه أو تعدد شكله، يعود فقط لصاحبه ويعنيه هو وحده لا غيره. فما سلكه من محطات وطرق وما يقدمه من إرشادات وتوجيهات قد تيسر مسارك طبعا، لكن، لن تجعلك تصل إلى مرادك بنفس الآليات والقوانين. فقد يخذلك اتكالك على الشخص القدوة وتنهار آمالك ومساعيك. فلتكن لك استقلالية وبصمة شخصية بطرق مختلفة تحقق عبرها طموحاتك وأحلامك ولو استقيتها من قدوتك.
خامسا، تجنب الانبهار بالشخص القدوة، فما جعلك تختصه عن من سواه، قد يطير كالرماد لحظة موقف سلبي أو خلاف، مخلفا وراءه كراهية ومشاعر سلبية لن تتخلص منها بسهولة. وأغلب ما يسبب هذا الأمر هو إطلاق صفة الكمال والمثالية على الشخص القدوة والتوقع غير المحسوب والمنطقي لنتائج وتأثيرات ومواقف لم يكن للعقل موقع بها.
وأخيرا، ثق أنك قد تكون يوما قدوة لأحدهم أو أنت بالفعل كذلك. لذا، احرص على أن تكون تلك المرآة المضيئة التي يتأثر بها الآخرون بإيجابية نتيجة سلوكياتك ونجاحاتك ومواقفك واختيارك.