ما ضرورة حضور الكتب في حياة الطفل؟

جدير بالذكر أن نتحدث عن الكتب ومدى حضورها في حياة الإنسان أو الأسرة ككل، وكفيل بنا أن نعيرها بعض الاهتمام باعتبارها جوهر الوعي ومناط العلم ورمز الثقافة، فما من أسرة تعمل على زرع بذور القراءة في أفرادها إلا وحريٌّ بها أن تجعل من الكتب مَزارا يرتاده أفرادها ليأخذوا من معين القراءة ما يروي ظمأ جهلهم.

ليس ببعيد على كل أسرة -كيفما كانت- أن تخصص حيزا من منزلها لجعله فضاء للكتب والمؤلفات على اختلاف مستوياتها وتعدد تخصصاتها لتناسب جل أفراد الأسرة الذين تتباين مستوياتهم وقدراتهم الفكرية وقواهم العقلية. هذا وإننا نجد في بعض الأسر من يحرص أشد الحرص ليكون منزله مشتملا على بعض المرافق التي توازي سيرورة حياته دينيا وأخلاقيا وفكريا ومعرفيا؛ فنراه يعمد إلى إقامة مسجد صغير أو قاعة للصلاة في زاوية خالية من كل ما يزعج أو يعكر على المصلي هدوءه وسكينته، في حين نجد ركنا آخر خاصا بالكتب يحوي العديد من المؤلفات والمراجع التي يرجع إليها الفرد عندما تسنح له الفرصة ليطالع صفحات يزيد بها قوة معرفية ورسوخا علميا.

لن يحصل هذا إلا بتوجيه سديد من الأسرة؛ إذ هي المؤسسة الأولى والأخيرة التي عليها رهان الشباب، والتي تسهم بدور كبير وفعال في نصح أبنائها وذويها بالقراءة وإعطائها أهمية كبرى، والتي من شأنها أن تركز على توجيه أطفالها منذ فجر صباهم على حب الكتاب والمكتبة، وكذا الاهتمام الكبير بوضع برامج خاصة للقراءة، بالإضافة إلى الجلسة العائلية التي يُسلط الضوء فيها على مناقشة جملة من المواضيع الدينية والثقافية والفكرية والاجتماعية من خلال عدة زوايا مختلفة، وكذا حرص الآباء على ضرورة توفر خزانة أو مكتبة تضم جملة من الكتب والمؤلفات التي تساعد الأبناء في أبحاثهم ومطالعاتهم خارج النمط الدراسي المعتاد.

إن سلوك الطفل منوط بما يجده من رعاية تربوية من لدن أسرته وما يأخذه من توجيهات تخص الدراسة والقراءة المنزلية التي تمكّنه من بناء شخصية فذّة فريدة؛ ذلك أنه يترعرع بين جنبات القصص التي يتلقاها من أسرته التي تختار له ما يناسب عمره ومستواه، وينمي قدراته الفكرية أمام ما يقرؤه من قصص وكتيِّبات صغيرة. فيبقى على هذا النحو إلى أن يشتدّ عوده ويرجح عقله ويصبح ذا خبرة يميز بها ما يقرؤه، ويسلك ما يوافق مرجعيته التي نشأ عليها منذ الصغر. وعند إعمال النظر في شخصية الطفل القارئة، نجد أنها أنتجت لنا أفكارا حصيفة تـمخّضت عن نشأته الطفولية المتشبعة بالقراءة والمعرفة وتلقي المعارف والمكتسبات، فيمكن القول بأنه إنسان خرج للوجود ليضفي على هذا العالم غيضا من فيض قدراته، ويشاركنـا أفكاره ورؤاه التي عمل على صقلها منذ نعومة أظافره، ويجتهد هو بدوره في تحديد مساره الدراسي الذي يجد فيه ضالته ويُعمِل فيه كامل قدراته ومؤهلاته الذاتية.

لا شك أن الطفل القارئ يتسم بسمت حسن، ودماثة أخلاق عالية، وتصرفات مهذبة تنم عن رزانة ورجحان ضمير، ناهيك عن أفكاره العجيبة والغريبة التي يفاجئنا بها في مجتمعاتنا الأسرية أو عندما تسمح له المناسبة ليدلي بدوله في الموضوع، فتراه يأتينا بالعجائب والفرائد والنوادر التي قلما تخطر على البال، مما يدل على تأثره بالقراءة وتطبعه بطباع القراء الذين يفكرون برويّة ويتحدثون في هدوء ويعملون في جد وكد.

وجملة القول في هذا الصدد، أن الطفل أجدر بالرعاية والتوجيه والحث على القراءة وترغيبها له بطرق تختلف باختلاف الوسط والأسرة وطبيعتها. وخليق بنا أن نعيره كل اهتمامنا له في مطعمه ومشربه وملبسه ودروسه وواجباته ولعبه وترفيهه وكل ما يمت لضروب التربية بصلة، كل هذا لنحظى جميعا بأمة اتخذت من أطفالها جيلا يحمل رسالة على عاتقه ويضعها نصب عينيه ويعمل على تحقيقها.

1xbet casino siteleri bahis siteleri