قبل الغوص في أعماق فقرات هذا المقال، أود أن أتقدم أولا بالسلام لمن يُزهر القلب من سُقيا حديثهم، سَلامٌ على تِلكَ القُلوبِ التي تُحِبنا من غير مقابل، سلامٌ على تِلكَ العُيونِ التي لا تَنسانا. سلام على السلام الذي في عينيكم وسط ضمار هذا العالم.
ما دامت الروح بداخلنا وما دمنا مُستمرين في طريق الحياة، فإننا نحتاج لأسباب عيش تكفي لحياتنا، أسباب ينبض قلبنا لأجلها وتعمل روحنا لتحقيقها. أحلام تجعلنا على قيد الأمل، على قيد الحياة.
نعيش ونصطدم بأزمات، تبدو قاسية للوهلة الأولى، لنكتشف بعد مدة أنها مجرد خدشة صغيرة في قلوبنا، نتجاوزها بالصبر واليقين على أمل أن القادم أجمل بإذن الله. هل خُلِقنا عبثا؟ لا! لكل منا هدف خُلق لتحقيقه، لكل منا رسالة روحية يحملها بداخله، لكل منا دور ليقوم به ويحيا من خلاله. لن تكتشف هذه الرسالة في يوم أو شهر، قد يتطلب الأمر سنوات.
عدم معرفتك لرسالتك الروحية في الحياة يجعلك تائها ضائعا في الأرض بين المفروض والمرفوض. من أنت كروح؟ ما دورك هنا؟ ماذا ستقدم للحياة. كيف أكتشف رسالتي الروحية؟ كلها أسئلة ستسبح في أعماقك، وتقربك أكثر من ذاتك.
مِن بين الخطوات التي ستقودك وتساعدك في التعرف على رسالتك في الحياة: إغمار النفس والمحيط بالطاقة الإيجابية، والتحرر من الطاقة السلبية، وهناك عدة طرق بدءًا بطاعات الله تعالى؛ سجودا وتسبيحا وذكرا. بالإضافة إلى طرق أخرى: أبسطها استنشاق نسيم هواء البحر، والهدف إفراغ النفس من الانكسارات والتراكمات وأهم نقطة التخلص من الأشخاص السلبيين، والمحبطين والمتمردين الذين هدفهم فقط تنكيد حياتك وتعكير مزاجك.
كلما شعرت أن المكان الذي تتواجد فيه لا يناسبك ولا يتفاعل معك، ويستنزف طاقتك وكل مجهوداتك دون جدوى، تشعر وكأنك غريب بين أحضانه، استجمع ما تبقى منك وغادره وارحل دون تردد.
هو حب الذات لكنه لا يشمل معنى الأنانية، فالتصالح مع الذات وتقبلها والتخلي عن الصراعات النفسية والحروب الداخلية ضد نفسك، يساعدك على حب ذاتك والتعرف على شخصيتك أكثر: بمميزاتك، وعيوبك، ومشاعرك، وميولاتك، وعواطفك وطباعك…لكل هذا دور كبير في قُربك من رسالتك وهدفك في الحياة. وأهم نقطة هي الشغف، اذهب خلف شغفك؛ ذلك الشعور بالحماس الشديد والرغبة تجاه شيء ما، الحق الأشياء التي يميل لها قلبك، الأشياء التي تجد نفسك فيها، تُشعِرك بالسعادة والطمأنينة، الأشياء التي تمثلك.
حاول استرجاع تاريخ حياتك منذ لحظات إدراكك الأولى، ستجد حتما أن هناك أشياء كانت ولا زالت تتكرر في حياتك، بنفس المشاعر ونفس الشغف، مع الانقطاع أو البعد عنها تجدها تحلق بجوارك، وتقترب منك بين حين وآخر، فلا يلزمك سوى قليل من الشجاعة لتواجهها، فقد تكون هذه هي رسالتك في الحياة أو البوصلة التي تأخذك إلى طريق رسالتك، تحرر من الخوف فهو الوحيد الذي يوقفنا عن النجاح.
عش حياتك بحب وشغف، تابع أنشطتك من عمل وهوايات، لكن لا تتخلَّ عن أحلامك؛ فأحلامنا هي ما يُبقينا على قيد الحياة، احلم ولا تعش فارغاً، حتما ستكون قد تجاوزت الألف ميل ولن تهزمك الخطوات المتبقية.