التعليم في زمن الأزمة…فرصة لا تعوض

كان لي الشرف أن أتابع تكوينات مهمة خلال الفترة الأخيرة منذ بداية أزمة كورونا، تلقيت من خلالها معلومات وتقنيات تفيد في التكوين عن بعد، جمعت ما تعلمته ولاءمته مع ما كنت قد راكمته من قبل، فخرجت بعدة استنتاجات لعل أهمها أن الإنسان كائن ذو تركيبة معقدة يجتمع فيه ما هو نفسي واجتماعي ومادي، إضافة إلى ما هو معرفي. كل هذا لا يمكن الأخذ به إلا مجتمعًا غير مجزأ.

وبما أن لكل مقام مقال، أود أن أتحدث عن الجانب الذي يهمني كثيرا وهو الجانب المعرفي في جزئه التقني.

انقسم الخبراء في السنوات الأخيرة إلى مؤيد ومعارض بخصوص موضوع أهمية التكنولوجيا في التعليم.

المعارضون ينطلقون من أنه لا يمكن للآلة أن تعوض الإنسان في هذا المجال؛ لأن التعليم يتكون من جانب التربية على القيم ثم جانب التدريب على اكتساب المهارات. وبما أن الإنسان يحتاج لمن يعلمه ويبسط له الأمور إلى أن يستطيع التحليق بجناحيه، فإن المعارضين يعارضون بشدة، وذلك مفهوم إذا ما افترضنا أن الآلة ستتولى ذلك.

لكن وفي نفس السياق، هناك المؤيدون وهم كثر، وأول ما يستعينون به في نقاشاتهم أنه لا يمكن السير ضد الزمن والتطور وبالتالي التيار الطبيعي للأمور. وينقسم المؤيدون بدورهم إلى قسمين:

الأول: يقول برأي أن الآلة ستقوم بدور الأستاذ 100% ويستدلون على ذلك بكون أن الأمر صار موجودا ومحققًا، خصوصا في المجالات التكنولوجية والتقنية.

مقالات مرتبطة

الثاني: يقول إنه يجوز الاستعانة بالتكنولوجيا في عملية التعلم، على إثر هذا، قام مجموعة من المدرسين بعملية أولية مهمة؛ وهي رقمنة الدروس فذهب بعضهم إلى تصوير أنفسهم وهم يشرحون الدروس كل حسب تصوره للأمور. فهناك من لا يفرق بين التدريس الحضوري والتدريس عن بعد، وهناك من اطلع على حقيقة الأمور وطور فهمه من خلالها ثم أبدع.

إن التدريس عن بعد ليس تسجيلا لساعات من الدروس والشروحات، بل تقديم الدروس في حلة جديدة يستغل فيها المدرس ما تتيحه التكنولوجيا من إمكانيات؛ من ڤيديوهات، ووثائق، وصور، ورسائل قصيرة وشروحات. كل ذلك يتم وضعه في مكان رقمي يستطيع الطالب الوصول إليه فيحصل ما يسمى بالتمكين empowerment؛ أي أن الطالب يعلم يقينًا أن الدرس دائما في انتظاره عند الحاجة لمراجعة أمر ما، ويستطيع أن يقوم بعملية بحث سريعة توصله إلى المعلومة.

تتعدد الأزمات والسؤال واحد وهو: هل هناك إرادة لخوض مغامرة جديدة لا يمكن إلا الاستفادة منها على المدى القصير والمتوسط والبعيد؟

الجواب هو ما سنعيشه في القادم من الأسابيع والشهور، فلنتابع الأمر عن كثب، وليكن لكل منا دور في جعل الأمر ممكن. كيف ذلك؟ أترك لكم المجال للتفكير في الإجابة.

توصلت وأنا أكتب هذه الأسطر من صديق لي فاقد للبصر بمجموعة من الرسائل في مجموعة خاصة، برابط فيديو تابعه في يوتيوب فأعجبه فتعمق في البحث في الأنترنت أكثر حتى وجد وثيقة تفصل الأمر أكثر، فعندما انتهى واستفاد من هذا كله، قرر أن يتشاطر معنا ما تعلمه وأضاف رسالة نصيه تحثنا على متابعة الموضوع كما فعل هو.

لقد قام صديقي هذا بدور بيداغوجي جيد ولهذا أتساءل: كيف للمئات وللآلاف من المدرسين أن لا يقوموا بدور مماثل مع طلبتهم ويستعينوا بما تتيحه التكنولوجيا عملا بالحديث: الحكمة ضالة المؤمن…والله أعلم.

1xbet casino siteleri bahis siteleri