حتى تصبح يوما ما تريد

من أجل العيش في راحة تامة فإنه لا بد أن تستقر في النفس تلك القاعدة الأصيلة، بأن إرضاء الناس غاية لا تدرك، ومهما فعلت في حياتك وكيفما كان عملك ووجهتك ودرجة إتقانك ونجاحك وطريقة عيشك وفلسفتك في الحياة فإنه لا بد لك من منتقدين ومتكلمين ومستهزئين وحاسدين.
لا يهدأ بال أكثر الناس حتى تسير مع الركب وتدفن نفسك حيّا وسط الأموات الذين لم يعودوا يؤمنوا بإمكانية العيش بطريقة مختلفة عما عهدوا وأحقية الإيمان بأنك ستكون يوما ما تريد. التميز ينبههم إلى عيوبهم والإختلاف يربكهم والإصرار الذي يرونه في أعينك وتصرفاتك يذكرهم باليوم الذي استسلموا فيه لواقعهم وتخلوا فيه عن أحلامهم وتنازلوا فيه عن كل ما كان يميزهم عن الآخرين. أنت تذكرهم بنفوسهم عندما كانوا مختلفين؛ عندما كان لهم لون معين، وذوق معين، ورائحة معينة وعندما كانت لهم آمال وأحلام.
انظر إليهم الآن ! يتشابهون كلهم ! يتحدثون بنفس الطريقة عن نفس الأشياء ويحملون نفس الهواجس، تشابهت نفوسهم.
يريدونك أن تشبههم كذلك لأنهم لا يطيقون أنه من الممكن أن يخرج من بينهم من سيسطع نوره بل يعميهم بنوره الذي أوقده من بصيص الأمل الذي آمن به وحافظ عليه كل هذه السنوات.
قد يلقونك عناقا ويقسمون لك انهم لايطيقون لك فراقا ولكنهم ملائكة كرام في مظهرهم وشياطين فى مخبرهم. يلقونك بوجوه ابى بكر وبقلوب ابى لهب.
الحاقدون خاسرون، ولكنهم يتظاهرون بالفوز … وإذا رأوك تمشي على الماء، سيقولون “لا يجيد السباحة” … لا تكثر لهم. دعك منهم، ابتسم في وجوههم، تفاديا لشرورهم واهتم لأمرك وإذا خاطبتهم فقل سلام وإذا مررت بهم مررت مرور الكرام كما أوصى بذلك المنان.
قد قالها عمر من قبل : اكتفوا بما يظهره لكم الناس من خير فلو علم بعضكم ما في قلوب بعض لما تصافحتم إلا بالسيوف
لا تنتظر المساعدة من أحد ولا التشجيع من أحد فإن أتى ذلك فهو الإستثناء وإن غاب فهي القاعدة.
ماحك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك !
 
آخبرت القصص الشعبية والحكم الإنسانية والآيات الربانية بأن المحن والنقم والشدائد و الفواجع تغير مجرى الحياة … إلى الأحسن أو إلى الأسوأ.
إن تقبلها قلب المؤمن المتفائل على أنها تقوي معدنه و تعلمه تقلبات الحياة و تحضره لأكبر المهمات، عاش فيها و كأنه يتدرب لمواجهة تقلب الدهر و نقمة الحساد وغيظ الأعداء وكيد الكائدين ومكر الماكرين و إن تقبلها قلب القنوط المتشائم كأنها الواقع المحتوم و النصيب المفروض عاش العمر و هو يسب الدهر و يلعن النفس و يكفر بالله و يراقب الناس و يموت بالهم، ومنعه ذلك من الإيمان والتخطيط و العمل الذي به ينقل الإنسان من العسر إلى اليسر و من الكرب إلى الفرج
 
ستتعلم من المحن ومن اللحظات العصيبة أكثر بكثير مما تتعلَّمه من أقوال الناس وخطاباتهم وكلمات المجربين ونصائحهم.
هناك أزمات ستظن بأنها أقدار محتمة، خالية من العبر ومن الدروس. فترات مؤلمة جدا ستفقدك القدرة على فهم ما تواجهه من مشقة. سيكون من الصعب عليك أن تستحضر تلك الكلمات الرنانة التي قرأتها في قصص الأساطير والناجحين عن العقبات والصعاب لأنه من السهل بل من الممتع أن تقرأ نظريا عن كل ما قد يتحمله المرء لكي يصل إلى ما يصبو إليه، لكنه من الصعب جدا بل من المؤلم أن تدفع ثمن ما تريده حقا وأن تصبر على ألم المعاناة وتكرار المحاولات لتصير يوما ما تريد
سيتبادر الى ذهنك أن المسار الذي تخوضه عسير جدا وبعيد كل البعد عن مسارات النجاح وسبل السعادة. اعلم أنه خلال هذه الفترات العسيرة، ستحدث تحولات قد لا تلحظها فورا، قد لا تعطيها اهتماما لأنها تغيرك من الداخل. خلال هذه الأيام والشهور والسنوات ستتحول ايجابيا دون أن تشعر إذا ما سايرت هذه الظروف بصمت وتريث، دون قنوط ولا استعجال … فبقدر ما يكون الوضع مؤلما ستصبح أكثر صلابة، وبقدر ما تكون المحنة معقدة ستصبح أكثر حكمة، إلى أن تصل إلى درجة المقدرة الذهنية على الإنفتاح على كل التجارب والإستعداد لخوض جميع التحديات ويصل قلبك إلى درجة أن لا يتعلق بأي شيء وأن لا يتوقع أي شيء … عندها تفهم المغزى من الصعاب والمعنى من الألم … عندها تصبح التجارب المعقدة بالنسبة لك كالكلمات المتقاطعة أو كمعادلات الرياضيات الصعبة، سرعة إنجازها تكمن في عدد المرات التي أتعبت نفسك وتألمت لحلها … وإلا بقيت معادلة الوجود بغير حل وخانات الحياة فارغة !
 
اعلم أن الإنسان يمكنه أن يتأقلم مع جميع الظروف كيفما كانت قسوتها وإيلامها وصعوبتها.
اعلم أن الذين يدفعون درجة تحملهم كل يوم هم الذين يصنعون الفرق ويصنعون الحدث.
اعلم أن المغامرون هم فقط من يحققون المعجزات التي عجز عن تحقيقيها الكسالى اليائسون … المغامرون هم الذين لا يَرَوْن الأشياء كما يراها من يقبع في سجن الراحة والإستراحة
اعلم أنه حينما تكون لك الشجاعة الكافية لكي تكسر وهم الخوف؛ حينما تتحلى بالقوة لكي تزور المجهول، فإنك ستشعر في البداية بمزيج من الأشياء الغريبة المخيفة. إن تعودت عليها جاءت النتائج العكسية لتلك الأشياء : ستستشعر أشياء جديدة رائعة وجميلة … أشياء لم تكن لتكتشفها لو بقيت في قوقعة الخوف والوهم والعجز والكسل.
اعلم أن أروع مخلوق في المجتمع هو الإنسان الذي يكون دائما على أتم الإستعداد لكي يخسر كل شيء في أي وقت وهو موقن في داخله بأنه قادر على إرجاع كل شي فقده إذا كان لديه الوقت
اعلم أخيرا أنه ليس هناك ربح بدون خسارة كما أنها ليست هناك حياة بدون مخاطرة.
1xbet casino siteleri bahis siteleri