لا بأس أن نستسلم أحيانا

كيف لنا نُصِرُّ على أن نتحكم في مجرى كل شيء في حياتنا! نتحمل مسؤولية كل شيء، ونظل عاكفين، نحاول الى آخر رمق أن نغير. في حين أن هنالك بعض الأشياء التي قد لا تستدعي منا كل هذا الجهد والعناء في سبيل الوصول إليها، لأنها لا تستحق ، فكيف لنا أن نعلم مدى استحقاقها لسعينا وبذلنا؟ وكيف لنا أن نختصر على أنفسنا كل تلك الجهود والحروب التي سيكون مصيرها الخسارة؟

نصاب أحيانا بحالة من الجمود الفكري تمنعنا من الاستمرار، نكون حينها أضعنا فرصتنا لاسترجاع ما قد خسرناه ونحن على الطريق، ومهما أمعنا التفكير والتحليل والتنظير، سنجد أنه لا سبيل لمعرفة ذلك إلا بالخوض فيها إلى النهاية، فلن نستطيع رؤية النتيجة إلا بالوصول، وذلك أكثر ما يخيفنا. يكون حينها أكثر ما نحتاجه هو بصيص أمل يبث في صدرونا بعضا من الطمأنينة، يبشرنا بالوصول سالمين غانمين، وبعض الخطوات الواثقة. حقا تلزمنا الكثير من الحكمة لنستطيع أن نقرر ما إذا كنا سنقاتل إلى آخر رمق أو أنه يكفي إلى هذا الحد! ليست الأمور واضحة جلية بين أيدينا دائما، فكل شيء يظل نسبيا متغيرا ولا وجود لقاعدة عامة تؤطر قراراتنا، يلزمنا حقا الصدق والكثير من المرونة وبعضا من الروح الرياضية.

إنها الحياة لن نمتلك كل شيء! ليس لأننا لا نستطيع، ولكن لعلنا أسأنا اختيار الوجهة والهدف، إما عنادا للبعض أو ارضاء لآخرين أو كذبا على أنفسنا. لا تَسْعَ في ما ليس لك وكن معتدلا، و إذا لم تكن تجني مما تسعى فتوقف. قد يكون جنيك: رضا، أو سعادة، أو حبا، أو شغف، أو راحة، أو إيمانا، أو قوة أو متعة…وقد يكون ماديا أيضا. فإذا وجدت نفسك لا تجني سوى التعب، اعلم حينها أنك إما أخطأت الهدف أو الطريق، كن مرنا وغير ما أنت مدرك أنك لم تصبه ولا تركن لسكون إلا أن تكون وجدت حياة في سعيك.
من الواجب أن تكون العلاقة بينهما متكافأة ليتحقق التوازن، فإذا اختل توازنك، اختلت معاييرك وتهت، ولا ينجيك من تلك المتاهة إلا بعض من حكمتك التي اختزنتها وراكمتها طيلة الطريق. ومهما علا شأنك وفاض علمك ومعرفتك لن تجد السبيل هيِّناً.

حياتنا ليست سوى متتالية سعي ويبقى الهدف المرجو وراءه هو ما يضفي قيمة له، فكلما كان ساميا زاخرا بالعطايا والهبات كلما نال قدره منك أو من غيرك كما يستحق. فما أجمله أن يكون سبيلا لنيل رضا الله، فحينها تعم البركة حياتك وكيفما كانت النتيجة لن تسأم أو تحزن لأنك تعلم علما يقينا أن الله قدر لك الخير وإن اختلف ظاهره عن باطنه، لأنك تدري بحق أنك ما دمت توكلت في أمرك على الله فكله خير دون أدنى شك منك أو ريبة. وما أسعدك لو كان به خير للناس، فحينها تكون مغمورا بالحب والرحمة ودعاء الخير.

لا تشغل بالك فهو رزق الرزاق، وما أمرك حين أنشأك سوى أن تسعى في سبيله بالخير، وبيده سبحانه الرزق يأتيه من يشاء وقت ما شاء بغير حساب، وخيره لا ينقطع.

كن حالما وتوقع جميع الاحتمالات ولا تنجرف بمشاعرك لإحداها، فأنت لا تدري أيها سيصمد معك إلى النهاية، لا تدري الحقيقة من السراب. اخفض سقف توقعاتك، فكلما علت، تضاءل الرضا عنك وعن غيرك. تخلص من مخاوفك، سامح قدر ما استطعت وتجاوز. أمسك جوارحك عن الحكم وانطلق متوكلا، مستودعا كل نهاية بين بدي الرحمان، ييسرها لك أو يمنعها عنك، واعلم أنه أحيانا يكون اتخاذ القرار بالتوقف أعظم ما نستطيع فعله لنتحرر.

1xbet casino siteleri bahis siteleri