ماذا لو قام كل منا بما هو قادر على صنعه

ماذا لو قام كل فرد منا بجل ما هو قادر على صنعه؟ ماذا لو أخرج كل منا ذلك العبقري العظيم الذي يقبع في أعماقه؟ إلى متى سنترك عظماءنا حبيسي صدورنا وأضلعنا؟ ماذا لو جاهرنا بكل ما هو صادق وحقيقي في أنفسنا بلامبالاة وبدون ذلك الخوف الذي لطالما حطم قدرات وأحلاما عظام؟

أسئلة لطالما تقاذفتني مرات ومرات وما كنت أعيرها اهتماما بالغا، وعندما قررت البحث عن الإجابة وجدتها واضحة جلية لا تتطلب تفكيرا عميقا. وجدت أننا حتما سنبهر العالم بأسره بما نستطيع صنعه من معجزات.

إن النجاح، دنيويا كان أم أخرويا، لا ولن ينتظر قيامنا، بل نحن من نصنعه بأنفسنا، فاكتشافنا لما بداخلنا هو بمثابة إعلان الحرب في كل الميادين؛ لذلك فإنه ليس من الصائب أن نعتمد أو نتوكل على الأيام ولا على الأشخاص، بل الأصوب أن نتوكل على الباري ثم ننطلق!

نحن نقطة البداية وتحت مظاهرنا ما إن أصلحناه أصلحنا بذلك مجتمعاتنا. والمعلوم أن الإنسان بطبيعته تحكمه ضرورة النمو وليس العكس، وأننا لا نملك زمام الوقت لإضاعته، فأيامنا محصورة في عدد لا ندري ما هو ولا متى ينقضي ولا كيف؟ والإنسان ما هو إلا بضعة أيام كما يقال، إذا انقضى يومه انقضى بعضه.

لن أكرر ما تعلمناه عن كتب التنمية البشرية -التي قد سدت ثغورا في حياتنا وكان لها الأثر الكبير في خلق التغيير-ب خصوص الوقت، وإنما أقول: إن هاته البطحاء التي نمشي فوقها قد سئمت من هذا الاستنساخ الذي يحصل، فبثنا لا نرى تغييرا جذريا حقا لحالنا نحن كعرب ومسلمين للأسف، ومجالات النهوض بمجتمعاتنا عديدة لا تحصى، وكل حسب استطاعته وإمكانياته.

أما بالنسبة لنا نحن كطلبة وتلامذة فأجدى ما يمكننا تقديمه: هو الاجتهاد في طلب العلم وتغذية الفكر، فنكون بذلك قد أخذنا مضادا لما أصبح رائجا في وقتنا الراهن من تيارات فكرية معادية للفطرة البشرية السليمة، سواء بطريقة مباشرة أو بأخرى، وخرجنا من دائرة الاستنساخ الحاصل.

هذا لا ولن يتم بإهدارنا ما نملك من لحظات في هاته الحياة -في ما لا يعود بالنفع علينا أو على غيرنا- خلف مواقع التواصل الاجتماعي التي توصف بكونها سيفا ذي حدين أو في حديث لا يسمن ولا يغني من جوع، فنكون بذلك كالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم ولا خبر لهم بها؛ وإنما بالاطلاع على أحوال العصر ومتابعة ما يشهده العالم -بدقة- من تغييرات في كل المجالات وعلى رأسها العلمية.

وأستحضر هنا كلمة للدكتور راغب السرجاني: “مذاكرتك لرفعة أمتك حسنات لا تحصى في ميزانك يوم القيامة.” فلتغيير الحال لا بد من التفوق؛ لأن تلك الدراسة الصابرة هي التي تفتح أبواب بعضنا –وربما معظمنا- لا ينتبه إليها عادة.

كتبت هذا وفي اعتقادي أن إدراك المرء لواقعه يجعله يقبل على ما بين يديه من وسائل كيفما كانت بكل صبر وجد واستمرارية، دون إمكانية أن يثبطه عن عزمه أو أن يصرفه عن غايته أحد، ببساطة: لأنه على علم بما يصنع ولماذا وإلى أين يؤدي عمله ذاك.

نعم قادرون على صنع الأمور العظام وما يواجهنا من عقبات -نظن عندها أنه قد حانت لحظة إسدال الستار- ما هي إلا البداية، البداية نحو التغيير، ونحو غد سيجعل منا أشخاصا آخرين، بعقليات مختلفة تماما عما كانت عليه. صحيح أن المخاض لن يكون يسيرا، ولكنه حتما سيخلف فينا تغييرا، فلنسعَ إلى فسطاط العظماء، ولنجاهد أنفسنا ليعم صدى أصواتنا الأرجاء، كي لا نفنى من دون سبر أغوارنا، واستخراج مواهبنا وعبقرياتنا، فكلنا عباقرة ولا يوجد شيء اسمه إنسان عادي، فلكل شخصية قالبها الخاص الذي يميزها عن غيرها ولكل بذرته.

1xbet casino siteleri bahis siteleri